Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } إلى قوله : { وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } . النبي عند جميع النحويين نعت لأي ، إلا الأخفش فإنه جعله صلة لأي . وهو غلط لأن الصلة لا تكون إلا في جملة . وأكثر النحويين على منع جواز النصب في { ٱلنَّبِيُّ } لأنه نعت لا بد منه ، فهو المقصود بالنداء . وأجاز بعضهم النصب على الموضع ، وهذا في الكلام لا في القرآن . والمعنى : يا أيها النبي اثبت على تقوى الله ، لأنه كان متقياً . وقيل : هو مخاطبة للنبي والمراد به أمته . ثم قال تعالى : { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } . إن جعلته خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة فمعناه : لا تطعهم في قولهم لك : اصرف عنا أتباعك من فقراء المؤمنين حتى نجالسك ، ولا تطع المنافقين الذين يظهرون لك الإيمان والنصيحة وهم لا يسألونك وأصحابك خبالاً فلا تقبل لهم رأياً . ومن جعله خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته فمعناه : لا تطيعوهم فيما نهيتم عنه فتفعلوه / ولا فيما أمرتم به فتتركوه . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } أي : بخلقه وما في نفوسهم واعتقادهم . { حَكِيماً } في تدبيره إياهم . ثم قال : { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ } أي : اعمل بما ينزل إليك من وحي الله . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي : ذو خبر وعلم بأعمالكم في هذا القرآن وفي غيره . ومن قرأه بالياء رده على المنافقين والكافرين ، أي بما يعمل هؤلاء خبيراً . ثم قال تعالى ذكره { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ } أي : فوض أمرك إلى الله . { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } أي : وحسبك بالله في أمرك حفيظاً . ثم قال تعالى : { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه } . هذا تكذيب لقوم من المنافقين زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذو قلبين . قاله ابن عباس . وعن ابن عباس أيضاً أنه نزلت في رجل من قريش يسمى من حدة ذهنه ذا القلبين فنفى الله ذلك عنه . وقال مجاهد : قال رجل من بني فهر : إن في جوفي قلبين ، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فكذبه الله . وقال الحسن : كان رجل يقول : لي نفس تأمرني ونفس تنهاني ، فأنزل الله فيه ما تسمعون . وقال قتادة وعكرمة : كان رجل يمسى ذا القلبين ، فأنزل الله فيه هذه الآية . وعن قتادة أنه قال : كان رجل لا يسمع شيئاً إلا وعاه ، فقال الناس : ما يعي هذا إلا أن له قلبين ، فكان يسمى ذا القلبين فأنزل الله ذلك ونفاه . وقال الزهري : نزلت في زيد بن حارثة . ضرب الله له مثلاً يقول : ليس ابن رجل هو ابنك يا محمد . وقيل : المعنى : ما جعل الله لرجل قلباً يحب به ، وقلباً يبغض به ، وقلباً يكفر به ، وقلباً يؤمن به . ثم قال : { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } . أي : ولم نجعل أزواجكم بقولكم : هي علي كظهر أمي أمهاتكم ، بل جعل ذلك من قولكم كذباً ، فألزمكم الكفارة عليه عقوبة على كذبكم . ثم قال تعالى : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } . أي : ولم يجعل ابن غيرك هو ابنك بدعواك ذلك وقولك . ونزل هذا على النبي صلى الله عليه وسلم لأجل تبنيه لزيد بن حارثة ، قاله مجاهد وغيره . ثم قال : { ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ } أي : دعواكم يا بُنَيَّ لمن ليس هو ابن لكم قول منكم لا حقيقة له . { وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ } أي : الصدق . وقيل : المعنى قولكم لأزواجكم : هي علي كظهر أمي ، قول منكم لا حقيقة له لأنها ليست بأم لكم . ثم قال : { وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } أي : يبين لعباده طريق الحق والرشاد .