Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 44-45)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } إلى آخر السورة . أي : أولم يسر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد في الأرض ، فينظروا عاقبة الأمم الذين كذبوا الرسل من قبلهم ، فيتعظوا ويزدجروا عن إنكارهم لنبوتك وتكذيبك فيما جئتهم به ، ويخافوا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك الأمم من العقوبات . والمعنى : أنهم قد ساروا ونظروا لأنهم كانوا تجاراً إلى الشام ، فيمرون على مدائن قوم لوط وغيرها من المدن التي أهلك الله قومها لكفرهم بالرسل ، كما تقول للرجل ألم أحسن إليك ؟ أي : قد أحسنت إليك . ثم قال : { وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي : وكان أولئك الأمم أشد من هؤلاء قوة في الأبدان والأموال والأولاد ، فلم ينفعهم ذلك إذ كفروا ، فأحرى أن لا ينتفع هؤلاء بقوتهم وكثرة أموالهم وأولادهم إذ هم دون أولئك . ثم قال : { قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : لم يكن شيء يفوت الله بهرب ولا غيره ، بل كل تحت قبضته فلا محيص عنه ولا مهرب في السماوات ولا في الأرض . بل هذا وعيد وتهديد وتخويف لمن أشرك بالله وكذب محمداً عليه السلام . ثم قال : { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } أي : بخلقه وما هو كائن ، ومَنِ المستحق منهم تعجيل العقوبة ، ومن هو راجع عن ضلالته ممن يموت عليها . { قَدِيراً } أي : قادراً على جميع ذلك لا يتعذر عليه شيء . ثم قال تعالى : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ } أي : لو عجل الله عقوبة بني آدم الآن بظلمهم لم يبق أحد إلا هلك ، ولكن يؤخر عقابهم إلى وقت معلوم ، وهو الأجل المسمى الذي لا يتجاوزونه ولا يتقدمون قبله . قال قتادة : فعل الله ذلك بهم مرة في زمن نوح فأهلك ما على ظهر الأرض من دابة ، إلا ما حمل نوح في السفينة . قال أبو عبيدة : " مِنْ دَابَّةٍ " يعني الناس . وقيل : هو الناس وغيرهم مما يدب . قال ابن مسعود ، كاد الجُعَلُ يعذب بذنب بني آدم ثم تلا : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ } الآية . وذكر ابن وهب عن الليث بن سعد أنه قال : إن رجلاً زنى بامرأة في عهد ( موسى ) عليه السلام فمات في تلك الليلة لذنبهما مائة ألف من بني إسرائيل ، فدل الله هارون على مكانهما فانتظمهما بحربة ، ثم أقبل بهما على بني إسرائيل ، وأقبل الدم حتى إذا دنا من يد هارون استدار حتى عاد كالترس ولم يصب الدم مِنْ يَدِ هارون . ثم قال : { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } أي : إذا جاء وقتهم فهو تعالى بصير بمن يستحق العقوبة ومن يستوجب الكرامة .