Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ( ذكره ) : { يسۤ * وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } إلى قوله : { فَهُم مُّقْمَحُونَ } . قال ابن أبي ليلى : لكل شيء قلب وقلب القرآن يس ، من قرأها نهاراً كُفِي همه ، ومن قرأها ليلاً كُفِي ذنبه . وقال شهر بن حوشب : يقرأ أهل الجنة طه ويس فقط . روي عن عقبة بن عامر أنه كان يحدث : ( أن ) النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ قَرَأَ يَس فَكَأنَّما قَرَأَ القُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ " من رواية ابن وهب . قرأ عيسى بن عمر : " يَاسِينَ " بفتح النون ، جعله مبنياً على الفتح ، ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين ، وأراد به الوصل واختار الفتح ، كما قالوا : كيف وأين . وأجاز سيبويه أن يكون مفعولاً به على معنى : اقرأ ياسين ، أو : اذكر ياسين . لكنه لم ينصرف لأنه اسم للسورة ، فهو اسم أعجمي عنده كهابيل . وذكر الفراء : كسر النون لالتقاء الساكنين كما قالوا : جَيْرٍ لا أَفْعَل . قال ابن عباس : " يس " قسم أقسم الله به وهو من أسمائه تعالى ذكره . وعنه أيضاً : " يس " يا إنسان ، يريد محمداً صلى الله عليه وسلم . وروى عكرمة عنه : " يس " : يا إنسان ، بالحبشية . وقال مجاهد : " يس " مفتاح كلام افتتح الله جل ذكره به كلامه . وقال قتادة : ( كل هجاء ) في القرآن فهو اسم من أسماء القرآن . وقال الزجاج : جاء في التفسير " يس " معناه : يا إنسان ، وجاء ( يا ) رجل ، وجاء : يا محمد . وقوله : { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } قسم ، والحكيم : المحكم آياته . { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } جواب القسم ، ( أي ) لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده . { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي : على طريق لا اعوجاج فيه ، وهو الإسلام ، قاله قتادة . وقيل : على طريق الأنبياء قبلك . والوقف على { يسۤ } جائز إذا جعلته اسماً للسورة ، أو تنبيهاً . ولا يحسن الوقف على { ٱلْمُرْسَلِينَ } لأن ما بعده متعلق به . و ( قد ) أجازه أبو حاتم . وهو غلط . ثم قال ( تعالى ) : { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } من رفعه جعله خبراً ثانياً لإنَّ . ويجوز رفعه على إضمار مبتدأ ، أي : هذا القرآن تنزيل المنيع بسلطانه وقدرته ، الشديد في انتقامه ممن كفر به الرحيم بخلقه . ومن نصب " تنزيل " فعلى المصدر ، أي : نزله تنزيلاً . ولا يحسن الوقف على " الرحيم " ، لأن اللام بعده متعلقة بما قبله ، أي نزله تنزيلاً لتنذر . ويجوز أن يتعلق بالمرسلين ، أي : إنك لمن المرسلين لتنذر . ( والمعنى لتنذر ) يا محمد قوماً لم يُنْذَر آباؤُهم من قبلهم ، قاله قتادة فما جحد . وقال عكرمة : قد أُنْذِرَ آباؤهم . فتكون " ما " والفعل مصدراً [ أي إنذاراً مثل إنذار آبائهم . ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي على هذا القول ] ، أي لتنذر قوماً الذي أُنْذِرَ آباؤهم ، أي : الذي أُنْذِرُوا . { فَهُمْ غَافِلُونَ } أي : غافلون عن دين الله وما الله صانع بهم إن ماتوا على كفرهم به . وهذا يدل على أن ( ما ) نافية ، لأنهم لو كان آباؤهم أنذِروا لم يكونوا غافلين . ويدل على ذلك أيضاً قوله ( تعالى ) : { وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } [ سبأ : 44 ] . ثم قال : { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } أي : وجب عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون . وقيل : معناه : وجب ( عليهم العذاب ) ، كما قال : { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ الزمر : 71 ] . وهذا إثبات للقدر ، وأن الأمر كله قد قدره الله وفرغ منه ، فحق وقوعه على ما قدره وعلمه . وكذلك : { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } [ يس : 9 ] الآية . كله يدل على أن القدر قد سبق في علم الله ، يضل من يشاء فَيَخْذِلُهُ ، ويهدي من يشاء فيوفقه . ثم قال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ } قال الضحاك : معناه : منعناهم من النفقة في سبيل الله ( كما ) قال : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } [ الإسراء : 29 ] . وقيل : ذلك يوم القيامة إذا دخلوا النار . فجعل ( بمعنى يجعل ) . قال الطبري : التقدير : إنا جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال فلا تنبسط لشيء ( من ) الخير . وفي قراءة ابن / عباس وابن مسعود : ( ( إنَّا جَعَلْنَا ) فِي أَيْمَانِهِمْ أَغْلالاً ) وقرأ بعضهم : " في أَيْدِيهِمْ " . والكناية في ( فهي ) ترجع إلى الإيمان ، ( لأن ) الكلام دل على الأيمان ، لأن الغل لا يكون في العنق دون اليد ولا في اليد دون ( العنق ) . فالمعنى : فالأيدي إلى الأذقان . والذَّقْنُ مُجْتَمَعُ اللِّحْيَيْنِ . ثم قال : { فَهُم مُّقْمَحُونَ } . قال مجاهد : رافعوا رؤوسهم [ و ] أيديهم على أفواههم . وقال قتادة : { مُّقْمَحُونَ } مغللون عن كل خير . ( و ) قال أبو عبيدة : ( هو الذي ) يحدث وهو رفع رأسه . قال الفراء : هو الرافع رأسه الغاض بصره . وقيل : المقمح : الرافع رأسه لمكروه نزل به . وأراهم علي بن أبي طالب الإقماح فجعل يديه تحت لحييه وألصقهما ورفع رأسه . ( وحكى ) الأصمعي : أكْمَحْتَ الدابة إذا أَخَذْتَ لجامها لترفع رأسها / والكاف بدل من القاف وقالوا : ( الكانونين ) شَهْرَا قِمَاحٍ لرفع الإبل فيهما رؤوسها عند الماء لبرده .