Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 71-75)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } - إلى آخر السورة . أي : وحشر الذين كفروا بالله عز وجل إلى ناره يوم القيامة . { زُمَراً } ، أي جماعة جماعة . حتى إذا جاءوا جهنم فتحت أبوابها لهم ليدخلوها . { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ } ، أي خزنة جهنم . { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } ، أي : بشر مثلكم . { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } ، أي : كتب الله سبحانه . { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } ، أي : مصيركم إلى هذا اليوم ( وما تلقون فيه . { قَالُواْ بَلَىٰ } ، أي : بلى قد جاءتنا الرسل وأنذرتنا لقاءنا هذا اليوم ) . { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } ، أي : وحقت كلمة الله أن عذابه لاحق بمن كفر به . بكتبه ورسله . ثم قال تعالى { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } ، أي : قالت لهم الخزنة ادخلوا أبواب جهنم ) السبعة على قدر منازلكم فيها ماكثين فيها لا تنقلون عنها إلى غيرها . { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } ، أي : فبيس مسكن المتكبرين على الله سبحانه جهنم يوم القيامة . ثم قال تعالى : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } ، أي : حشروا إلى دخول الجنة جماعة جماعة . { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا } ، أي : جاؤا الجنة . { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } . قال الكوفيون : " فتحت " جواب " إذا " والواو زائدة . وقال بعضهم : الجواب : قال لهم خزنتها ، والواو في " وقال " زائدة . وقال المبرد : الجواب محذوف ، والتقدير : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها سَعِدُوا . وقال الزجاج : تقدير الجواب المحذوف : " طبتم فادخلوها خالدين ، دخولها . ودلت الواو في " وفتحت " أن الجنة كانت مفتحة لهم الأبواب منها قبل أن يجيؤها . ( ودل حذف الواو في قصة أهل النار من " فتحت " أنها مغلقة قبل أن يجيؤها ) ففتحت عند مجيئهم . ثم قال تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ } ، ( أي : قال للذين اتقوا ربهم خزنة الجنة سلام عليكم ) ، أي : أمنة من الله لكم . وقوله { طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } ، أي : طابت أعمالكم في الدنيا فطاب اليوم مثواكم . وقال مجاهد : معناه : " كنتم طيبين ( بطاعة ) الله عز وجل " . فادخلوا أبواب الجنة خالدين ، أي : ماكثين أبداً لا انتقال لكم عنها . ويروى أن حشر المتقين في الآخرة يكون على نجائب من نجائب الجنة . وحشر الكفار يكون بالدفع والعنف . قاله ابن زيد وغيره . وقرأ ابن زيد في الكفار : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] . وقرأ في المتقين { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] . ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال في المتقين : يساقون إلى الجنة فيجدون عند بابها شجرة ، في أصل ساقها عينان تجريان ، فيعمدون إلى إحداهما فيغتسلون فيها ، فتجري عليهم نضرة النعيم ، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً ، ولن تغير جلودهم بعدها أبداً كأنما دهنوا بالدهان . ويعمدون إلى الأخرى فيشربون منها فيذهب ما في بطونهم من قذى وأذى ، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون فيفتح لهم فتتلقاهم خزنة الجنة فتقول : سلام عليكم ، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون . قال : وتتلقاهم الولدان المخلدون يطوفون بهم كما يطوف ولدان أهل الدنيا بالحميم إذا جاء من الغيبة ، يقولون : أبشر ، أعد الله لك كذا وأعدلك كذا . فينطلق أحدهم إلى زوجته فيبشرها به ، فيقول قدم فلان - باسمه الذي كان يسمى به في الدنيا - قال : فَيَسْتَحَفِهُّا الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها ، فتقول : أنت رأيته ، ( أنت رأيته ) قال : فيقول : نعم ، فيجيء حتى يأتي منزله . قال : أصوله من جندل اللؤلؤ بين أصفر وأخضر وأحمر … قال الله جل ذكره : { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [ الغاشية : 14 - 16 ] . قال : ثم يدخل إلى زوجته من الحور العين ، فلولا أن الله أعدّها له لا ليمتع بصره من نورها وحسنها . فاتكأ عبد الله ويقول : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } [ الأعراف : 43 ] . فتناديهم الملائكة أن تلكم الجنة أورثتموها بعملكم . وقال السدي : لهو أهدى إلى منزلة في الجنة منه إلى منزله في الدنيا . ثم قرأ السدي : { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [ محمد : 6 ] . ثم قال تعالى ذكره : { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } ، أي : له الحمد خالصاً إذ صدقنا ما كان وعدنا في الدنيا على طاعته . { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } ، أي : أرض الجنة . وقيل : أورثوا الأرض التي لأهل النار لو كانوا مؤمنين . وقوله : { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ } ، أي : نسكن منها حيث نحب . فنعم أجر العملين ، أي فنعم ثواب المطيعين العاملين له في الدنيا : الجنة في الآخرة . ثم قال تعالى ذكره : { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ } ، أي : وترى يا محمد يوم القيامة الملائكة محدقين من حول العرش . والعرش : السرير . وواحد حافين : حاف ، قاله الأخفش . وقال الفراء : لا يفرد . ودخلت " من " في قوله : { مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ } لأنه ظرف ، والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف . ومثله قوله : { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } [ الزمر : 65 ، والشورى : 3 ] . وقال بعض البصريين : دخلت " من " في الموضعين توكيداً . ثم قال : { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } ، أي : يصلون حول عرش ربهم شكراً لَهُ . والعرب تدخل الباء مع التسبيح وتحذفها . تقول : سبح بحمد ربك وسبح حمد ربك . كما قال : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [ الأعلى : 1 ] وقال : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } [ الواقعة : 74 و 96 ] . { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ } ، أي : وقضى الله بين النبيئين والأمم والشهداء بالعدل . { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، أي : وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر الذي ابتدأ خلقهم ووفقهم للعمل بطاعته . قال قتادة : فتح أول الخلق بالحمد لله فقال : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [ الأنعام : 1 ] وختم بالحمد فقال : { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } .