Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 135-135)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ … } الآية . قوله : { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } وقال الأخفش : " أو " بمعنى الواو ، فلذلك قال : " بهما " ولم يقل به . وقيل : المعني : إن يكن المتخاصمان غنيين أو فقيرين . وقيل : هو مثل قوله { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا [ ٱلسُّدُسُ ] } [ النساء : 12 ] . وقيل : لما كان المعنى فالله أولى بغنى الغني ، وفقر الفقير ، رد الضمير عليهما . وقيل : إنما رجع الضمير إليهما لأنه لم يقصد فقيراً بغني ، فجاء الرد عليهما : بالتثنية ، وبالتوحيد وبالجمع . ومعنى الآية : " إن الله تعالى تقدم إلى عباده أن يقوموا بالقسط أي : بالعدل ، ولو على أنفسهم أو والديهم أو قرابتهم ولا يكونوا كالذين قالوا لطعمة بغير القسط لقرابته منهم . والقسط : العدل . وأن لا يميلوا لفقر فقير ، ولا لغنى غني ، فيجوروا . { فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي أحق بهما لأنه خالقهما ، ومالكهما دونكم { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ } في الميل مع أحدهما . والشهادة على نفسه هو أن يقر بها عليه . وقيل : إن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم ، تخاصم إليه غني وفقير ، فكان ميله مع الفقير يروى أنه لا يظلم الغني لفقره . وقيل : نزلت في الأمر بالشهادة بالحق ، وترك الميل مع الغني لغناه ، أو مع فقير لفقره . قال ابن شهاب : كان فيما مضى من السلف الصالح تجوز شهادة الوالد لولده والأخ لأخيه ويتأولون في ذلك قول الله { كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } فلم يكن يتهم أحد في ذلك من السلف الصالح ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم ، فتركت شهادة من يتهم ، وصار ذلك لا يجوز في الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة . ومذهب الحسن البصري والنخعي والشعبي ، وشريح ومالك والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل أنه : لا تجوز شهادة الوالد لولده . وقد أجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولاً . وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أجازه ، وكذلك روي عن عمر بن عبد العزيز ، وبه قال إسحاق وأبو ثور والمزني . ومذهب مالك رضي الله عنه جواز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلاً [ إلا ] في النسب . وروى ابن وهب عنه : أنها لا تجوز إذا كان في عياله أو في نصيبه مال يرثه . ولا تجوز عند مالك شهادة الزوج والمرأة أحدهما للآخر ، وأجازه الشافعي . ولا تجوز شهادة الرجل المصاحب له بصلة ، أو بعطف عليه عند مالك . وكذلك لا تجوز شهادة رجل لرجل ، والشاهد [ في عيال ] المشهود له ، قوله { وَإِن تَلْوُواْ } هي مخاطبة للحكام ، فالمعنى : وإن تلووا أيها الحكام ، في الحكم لأحد الخصمين على الأخر أو تعرضوا ، فإن الله لم يزل خبيراً بما تعملون . وقال ابن عباس : هما الرجلان يجلسان بين يدي القاضي فيكون لَيُ القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر . وقيل : هي مخاطبة للشهداء ، والمعنى أن تلووا أيها الشهداء ألسنتكم بغير الحق ، أو تعرضوا عن الحق . وقيل : أو " تعرضوا " عن الشهادة فتتركوها . وقال مجاهد : { وَإِن تَلْوُواْ } تبدلوا الشهادة : { أَوْ تُعْرِضُواْ } أي : تكتموها كذلك قال قتادة والسدي . قال ابن زيد : { وَإِن تَلْوُواْ } تكتموا بعضها ، أو تعرضوا [ تكتموها ] فتأتوا الشهادة ، تقول : أكتم عن هذا أنه مسكين ، رحمة به ، ويقول : هذا غني أتقيه ، وأرجو ما قِبَلَه ، فهو قوله { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي : إن يكن المشهود عليه غنياً أو فقيراً ، فأقيموا الشهادة عليه لأن الله أولى به . { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ } في ألا تعدلوا : { وَإِن تَلْوُواْ } تغيروا الشهادة { أَوْ تُعْرِضُواْ } تكتموها { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } مجازيكم ومن قرأ { وَإِن تَلْوُواْ } بواو فيحتمل أن تكون مثل تلوا من اللي ولكن أبدلت من الواو المضمومة همزة ، ثم ألغيت حركتها على اللام على أصل التسهيل ، ويكون المعنى واحداً . ويجوز أن يكون من الولاية ، قال ذلك الكسائي ، فيكون المعنى وإن تلوا شيئاً من الشهادة ، فتبلغوه على حقه ، ولا تجوروا فيه { أَوْ تُعْرِضُواْ } أي : تتركوا تبليغه فتكتموه ، فإن الله لم يزل خبيراً بأعمالكم .