Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 19-19)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهم : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } الآية . الكَره والكُره لغتان بمعنى عند البصريين والكسائي . وقال الفراء : الكَره بالفتح أن يكون على الشيء ، والكُره المشقة ، هذا معنى قوله . وقال القتبي : الكره بالفتح بمعنى القهر والضم بمعنى المشقة . ومعنى الآية عند أبي بكير وغيره : أنها نهي للرجل يحبس المرأة ، وليس له بها حاجة رجاء أن يرثها ، ونهاه أن يعضلها حتى تفتدي منه بما أخذت منه ، أو ببعضه . وقوله : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } ، معناه أن تشتم عرضه ، أو تخالف أمره وتبذو عليه ، فكل فاحشة ( نعتت ) مبينة فهي من البَذاء باللسان ، وكل فاحشة مطلقة فهو الزنا ، والزنا يُسْتَر ويَخفى ، فلا تكون مبينة ، والنطق بالبذاء يظهر ، فهو مبين من لسان فاعله ، ودل ( على ) ذلك قوله : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } [ الأحزاب : 30 ] عنى بذلك مخالفة ( أمر ) الرسول صلى الله عليه وسلم والأذى بالنطق ونعوذ بالله من أن يعني بذلك الزنا ، هذا معنى قول ابن بكير . وقيل : إن الآية ناسخة لما كانوا عليه في الجاهلية ، وذلك أنه كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها كان ابنه من غيرها ، أو قريبه أولى بها من غيرهما ، ومنها بنفسها ، فإن شاء نكحها وإن شاء منعها من النكاح وهو العضل فحرم الله ذلك على المؤمنين بهذه الآية . فمعنى الوراثة هو أن يأخذها لنفسه ، ويكون بها أولى من ولي نفسها ، ومن غيره ، ومعنى العضل : أن يأخذها ويمنعها من تزوج غيره ، كذلك قال جماعة أهل التفسير ، ولكن اختلفوا ( فقيل كان ذلك سنة قريش في الجاهلية ) . وقيل : كان ذلك سنة الأنصار . وقيل : كان ذلك سنة الجميع يمنع امرأة قريبه أن تتزوج ويغصبها نفسها إن شاء . قال الضحاك : كان الرجل إذا مات وترك امرأته أتى حميمه ، فألقى ثوبه عليها ، فورث نكاحها وكان أحق بها ، وكان ذلك عندهم نكاحاً ، فإن شاء أمسك حتى تفتدي منه ، وقال ابن عباس : كان حميم الميت يلقي ثوبه على امرأته فإن شاء تزوجها بذلك ، وإن شاء حبسها حتى تموت ، فيرثها فذلك . قوله : { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } لأنهم يمنعونها من التزويج حتى تموت ، فيرثها بذلك إلا أن تذهب إلى أهلها قبل أن يلقي عليها ثوبه فتكون أحق بنفسها ، كذلك حكمهم فيها . وقال زيد بن أسلم : كان الرجل إذا مات في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله وكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد . وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة ( المرأة ) حتى يطلقها ، أو يشترط عليها ألا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي ببعض ما أعطاها ، فنهى الله عن ذلك . وقال مالك : كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها كان نكاحها بيد ابن زوجها ، يعني من غيرها ، فإذا ماتت قبل أن تنكح كان ميراثها له ، فكان الرجل يعضل امرأة أبيه عن النكاح حتى تموت فيرثها فنهى الله عن ذلك ونسخه . قوله : { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ } الآية . أي : تحبسوهن عن النكاح لتأخذوا من أموالهن إذا متن ما كان موتاكم ساقوا لهن من صدقاتهن ، قال ذلك ابن عباس والحسن وعكرمة فهو خطاب عند هؤلاء لورثة الميت . وروي عن ابن عباس في معناها أيضاً أنها في مخاطبة الأزواج ألا يحبسوا النساء وهم كارهون لهن ليأخذوا منهن ما دفعوا إليهن . قال قتادة المعنى : لا ينبغي لك أن تحبس امرأتك وأنت كاره لها لتفتدي منك . وقال بعض أهل التفسير نزل صدر الآية في الجاهلية ، وآخرها في أمر الإسلام فقوله : { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } في الجاهلية . وقوله : { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } في الإسلام وهو ما ذكرنا من قول قتادة وما روي عن ابن عباس . وقال الضحاك : العضل أن يكره الرجل المرأة حتى تفتدي منه قال الله : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } . وقيل : إن المنهي عن العضل هنا أولياء النساء ، قاله مجاهد ، وقال ابن زيد : كان العضل في قريش بمكة ، ينكح الرجل المرأة الشريفة ثم لا توافقه فيفارقها على ألا تتزوج إلا بإذنه ، فيشهد بذلك عليها ، فإذا خطبها الخاطب لم تتزوج حتى تعطي الأول ، وترضيه فيأذن لها وإلا منعها . وقوله : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } الآية . سمح للأزواج في المضارة إذا أتين بفاحشة ظاهرة يفتدين ببعض ما أعطوهن قال ذلك الحسن . وقال عطاء : كان الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة سلَّمَت إليه ما أخذت منه ، وأخرجها ، فنسخ ذلك بالحدود . وقال أبو قلابة : للرجل أن يضار بالمرأة إذا أتت بفاحشة ، ويضيق عليها حتى تختلع منه . وقال ابن عباس : الفاحشة هنا النشوز ، إذا نشزت وجاز له أن يأخذ منها الفدية . وقيل : الفاحشة هو بذاء اللسان على زوجها ، والزنى ، والنشوز ، فله إذا فعلت شيئاً من ذلك أن يأخذ منها الفدية ويضارر بها حتى تفتدي منه ، وإذا كانت الفاحشة بالألف واللام فهي الزنا واللواط . قوله : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } الآية . أي : صاحبوهن بالمعروف في المبيت والكلام . وقيل : المعروف إمساكهن بأداء حقوقهن التي لهن عليكم أو تسرحوهن بإحسان . قوله : { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ } الآية . { خَيْراً كَثِيراً } أي : في إمساكه { خَيْراً كَثِيراً } أي : في الصبر على إمساك ما تكرهون . فالهاء في " فيه " تعود على الإمساك . قال مجاهد المعنى : ويجعل الله في الكراهة خيراً كثيراً . قال السدي : { وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } أي : الولد . قال ابن عباس : خيراً كثيراً أي : يعطف عليها ، ويرزق منها ولداً ويجعل الله في ولدها خيراً كثيراً . فالهاء في ( فيه ) على قول مجاهد تعود على الكراهة .