Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 23-23)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ } الآية : حرم عليكم نكاح أمهاتكم ، حرم الله تعالى في هذه الآية من النسب سبعاً ، ومن الصهر سبعاً : فالتي من النسب : الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت ، والتي من الصهر : الأم من الرضاعة ، والأخت من الرضاعة ، وأم الزوجة ، وبنت الزوجة المدخول بها ، وامرأة الابن من نسب ، أو رضاعة ، والجمع بين الأختين ، والسابعة قوله : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } والعمات وإن بعدن مثل العمات وإن قربن ، وبنات الأخ والأخت وإن بعدن مثل من قرب منهن . واختلف في أمهات النساء اللوتي لم يدخل بهن إذا ماتت البنت قبل الدخول . يروى عن علي رضي الله عنه : جواز نكاحها وعن زيد بن ثابت مثله ، جعلها كالربيبة تحرم إذا دخل بأمها ، ولا تحرم إذا لم يدخل بالأم وإن كان عقد . وقال جماعة من العلماء والصحابة والتابعين غير ما ذكرنا أنها تحرم ، وإن لم يدخل بالبنت ، وليس مثل الربيبة لأنها قد نص عليها أنها لا تحرم إلا بالدخول بالأم ، فنعتها بقوله : { ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } . فهو نعت للنساء اللاتي خفضن " بمن " ولا يحسن أن يكون نعتاً للنساء المخفوضات بالإضافة ، لاختلاف العاملين ، فقد أجازه الكوفيون وهو تأويل على قول علي وزيد بن ثابت إذ جعل أم الزوجة لا تحرم إلا بالدخول بالبنت . وقد بينا هذه المسائل مفردة في غير هذا الكتاب وفيما أشرنا إليه في هذا كفاية . وكل امرأتين لو كانت إحداهما ذكراً والأخرى ( أنثى ) ولا يحل أحدهما لصاحبه ، فلا يجوز الجمع بينهما ، هذا أصل جامع في تحريم الجمع بين امرأتين ، ومعنى الدخول هنا الجماع ، وقيل الدخول : هو التجرد للفعل ، وإن لم يفعل . وقال الزهري في الرجل يلمس أو يقبل أو يباشر ينهى عن ابنتها . ( وحلائل الأبناء ) أزواجهم ، وسميت حليلة لأنها تحل معه في فراش واحد ، وكل العلماء أجمع على أن حليلة ابن الرجل تحرم عليه بعقد ولده عليها ، وإن لم يدخل . ومعنى قوله : { ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ } أي : الذين ولدتموهم دون الذين تبنيتموهم ، فإما حلائل الأبناء من الرضاع فبمنزلة حلائل الأبناء من الأصلاب لأن الله تعالى قد جعل الأختين من الرضاعة كالأخت من النسب ، والأم من الرضاعة كالأم من النسب ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، فزوجة الابن من الرضاعة تحرم على الأب بالعقد كزوجة الابن من البنت قال عطاء : كنا نتحدث أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم حين نكح امرأة زيد بن حارثة ، وقال ( كان ) النبي صلى الله عليه وسلم تبناه ، فتكلم المشركون في ذلك فنزلت { وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ } [ أي ] لا الذين تبنيتموهم ، ونزلت { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } [ الأحزاب : 4 ] ، ونزلت { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ الأحزاب : 40 ] . وإذا اشترى الرجل الجارية فباشرها ، أو عشرها ، أو قبل ، ولم يجامع حرمت على ابنه ، وعلى أبيه في قول مالك ، وأكثر العلماء ، وابن الابن وإن سفل بمنزلة الابن في هذا كله والجد بمنزلة الأب وإن علا في هذا كله فاعلمه ، والوطء في النكاح الفاسد حكمه في التحريم كحكم النكاح الصحيح يحرم ما يحرم الصحيح ، هذا مذهب مالك والشافعي وسفيان ، وغيرهم من الفقهاء ، والجمع بين الأختين في النكاح حرام بالنص فأما بالملك فإن عثمان قال : أحلتهما آية وحرمتهما أخرى أما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك . قوله : { وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ } كل العلماء على تحريم الربيبة التي دخل بأمها كانت في حجر الزوج أو لم تكن في حجره إلا ما روي عن علي رضي الله عنه : أنه أجاز نكاح الربيبة بعد موت أمها إذا لم تكن في حجر الزوج اتباعاً لظاهر الآية لأن الله قال : { ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ } أي في بيوتكم . وسئل عمر عن المرأة وابنتها من ملك اليمين هل يطأ إحداهما بعد الأخرى ، فنهى عن ذلك وحرمه . وقال علي رضي الله عنه : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد . وكره ابن مسعود رضي الله عنه الجمع بينهما من ملك اليمين فقال له رجل : يقول الله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 3 ] فقال له ابن مسعود : وبعيرك مما ملكت يمينك . وأكثر العلماء على كراهة ذلك ، ولم يحرموه . لكن من أراد وطأ الأخرى ( فليخرج الأولى من ملكه بما يحرم على نفسه فرجها ، بعتق أو بيع أو هبة ، ويطأ الأخرى ) . هذا قول أكثر أهل العلم ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه ، وفعله ابن عمر رضي الله عنهما ، وقال الحسن والأوزاعي ، وقال قتادة : إذا أراد أن يطأ الأخرى اعتزل الأولى ، فإذا نفقت عدتها وطئ الثانية ، ويضمر في نفسه ألا يقرب الأولى . وقال النخعي : إذا كانت عنده أختان فلا يقرب واحدة منهما حتى يخرج الأولى عن ملكه ، وقال الحكم وحماد . وقوله : { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } أي : ما مضى في الزمن الأول فإنه كان حلالاً ، وروي أن يعقوب عليه السلام تزوج أختين أم يوسف وأم يهودا ، وكان ذلك لجميع الأمم فيما ذكر [ فحر ] م الله عز وجل على هذه الأمة رحمة منه لهم لما يلحق النساء من الغيرة ، فيوجب التقاطع والعداوة بين الأختين . ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها ، وقال : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فإذا أرضعت المرأة غلاماً لم يتزوج شيئاً من أولادها إلا ما ولدت قبل الرضاع لا بعده ، وجائز أن يتزوج إخوته من أولاد المرأة إن شاءوا . وكذلك إن أرضعته جارية لم يحل لها أن تتزوج أحداً من أولادها ، ولأخواتها أن يتزوجن أولاد المرأة المرضعة إن شاؤوا . وكره الحسن وعكرمة أن يتزوج الرجل ( امرأة رجل وابنته من غير المرأة ويجمع بينهما ، وكل الفقهاء على جوازه . وكره طاوس أن ينكح الرجل ) المرأة وينكح ابنه ابنتها إذا كانت ولدتها بعد وطء الأب لها ( وكل الفقهاء على جوازه ، فإن كانت ولدتها قبل وطء الأب لها ) فلم يكرهه أحد .