Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 24-24)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } الآية . قال مالك في قوله { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } : هن السبايا ذوات الأزواج ، أي : وطؤهن جائز لكم يعني لهن أزواج بأرض الشرك أحلهن الله لنا ، يعني بعد الاستبراء والمحصنات هنا ذوات الأزواج وقوله { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } يريد به إلا ما ملكت من ذوات الأزواج التي فرق بينهن وبين أزواجهن السباء . قال ابن عباس : وطء كل ذات زوج زنا إلا ما سبي ، وكذلك قال ابن زيد وابو قلابة ومكحول والزهري . فالمعنى : حرمت عليكم النساء اللواتي أحصنهن الأزواج إلا ما ملكت أَيْمانكم من ذوات الأزواج السبايا فإنه حلال لكم ، ونزل ذلك في سبي ( أصاب ) المسلمون بأوطاس لهن أزواج فكرهوا أن يقعوا عليه ولهن أزواج ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } من السبايا ولهن أزواج في بلد الشرك ، وإنهنَّ حلال لكم يعني : بعد الاستبراء . وقال آخرون : المعنى في { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } أي : وطئهن جائز لكم يعني بعد الاستبراء ، إن الله حرم نكاح المحصنات بالأزواج ، واستثنى ملك اليمين ، وهي المملوكة ، ذوات الزوج يبيعها مولاها سيكون بيعها طلاقها وتحل للمشتري . قال ابن عباس وأبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله : بيع المملوكة طلاقها . وقال أبو العالية " والمحصنات هنا العفائف التي أحصنهن عفافهن ، وهو مردود إلى أول السورة ، والمعنى عنده { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } [ النساء : 3 ] ثم حرم ما حرم من النسب والصهر ، ثم قال : ( والمحصنات من النساء ) أي : إنهن حرام إلا بصداق وولي وشهود ، ويجب على هذا القول نصب المحصنات لأنه عطف على مَثْنَى وما بعده . وقال ابن جبير وعطاء : { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } حرم الله المحصنات فوق الأربع مع تحريم القرابة المذكورة . وقيل المعنى : { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } بنكاح أو ملك ، فحرم الله ذوات الأزواج من النساء ما حرم قبله من ذوي الأرحام ، واستثنى ما ملكت اليمين بعقد نكاح صحيح أو بثمن ، قال ذلك مجاهد ، وقيل : المحصنات : الحرائر ، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : إن الآية نزلت في نساء مهاجرات قدمن المدينة ، فتزوجهن بعض المسلمين ، ثم قدم أزواجهن مهاجرين ، فنُهِيَ المسلمون عن نكاحهن . وروي أن ابن عباس كان يتوقف في تفسير هذه الآية ، قال ابن جبير : كان ابن عباس لا يعلمها . وروي عن مجاهد أنه قال : لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل يعني { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } . والإحصان : يكون بالحرية كقوله { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } [ المائدة : 5 ] يريد الحرائر من أهل الكتاب ويكون بالإسلام كقوله : { فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ } [ النساء : 25 ] على قراءة من فتح الهمزة يريد أسلمن ، ويكون بالعفة كقوله : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } [ النور : 4 ] ، يريد العفائف ، ويكون بالزوج . والفائدة في قوله : { مِنَ ٱلنِّسَآءِ } أن المحصنات يقع على معنى : والأنفس المحصنات فيكون للرجال والنساء ، فبين أنه للنساء بقوله { مِنَ ٱلنِّسَآءِ } دليل ذلك أنه قال : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } فلولا أنه يراد به الأنفس المحصنات لم يحد من قذف رجلاً بالنص على ما ذكرنا . قوله { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } " نصب : كتاب ( الله ) عليكم " : المصدر عند سيبويه ، لأنه لما قال { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ } على أنه كتب ذلك ، فالمعنى كتب الله عليكم ذلك كتاباً ، وقيل نصبه على الإغراء أي : الزموا كتاب الله ، وهذا قول ضعيف مردود ، وهو قول الكوفيين لأن عليكم هو الذي يقوم مقام الفعل في الإغراء ، وهو لا ينصرف ولا يجوز تقديم المفعول عليه عند أحد ، لا يجوز زيد عليك ، ونصبه عند بعض الكوفيين على الحال كأنه قال : كتاب الله عليكم . ومعنى { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } قال عطاء والنخعي هو الأربع لا يزيد عليهن ، وقاله السدي ، وقال ابن زيد : معناه أمر الله عليكم ، يريد ما حرم الله من هؤلاء وما أحل لهم ، وقرأ { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } الآية . ومن فتح الهمزة ، فلقرب اسم الله تعالى من الفعل ، فأسنده إليه ، فتقديره كتاب الله ذلك عليكم ، وأحل لكم . ومن ضم فإنه أجراه على أول الآية ، لأنه جرى على ترك تسمية الفاعل وهو قوله { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ } فأجرى التحليل على لفظ التحريم لتسابق الألفاظ ولئلا تختلف ، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا ، ومعنى { مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } ما دون الخمس { أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ } ، على وجه النكاح ، وقال السدي : ما دون الأربع وقال عطاء : { مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } ما وراء القرابة التي قد حرمت عليكم أن تبتغوا بأموالكم : المحصنات من الحرائر الأربع والمماليك . وقال قتادة { مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } ؛ ما ملكت يمينكم " وقال الطبري : بين الله لنا المحرمات بالنسب والصهر ، ثم أخبرنا أنه قد أحل لنا ما وراء هؤلاء المحرمات في هاتين الآيتين بأن نبتغيهما بأموالنا نكاحاً ، وملك يمين لا سفاحاً ، وقد أعلمنا أن ما زاد على أربع حرام ، وما كان من الإماء ذوات الأزواج حرام ما لم ينتقل الملك . قوله : { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } معناه : أعفَّاء غير مزانين والسفاح : الزنا ، والإحصان هنا العفاف ، وقال مجاهد : محصنين متناكحين . قوله : { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } : يقول : فالشيء الذي استمتعتم به من النساء فأعطوهنّ أجورهنّ أي صدقاتهم فريضة معلومة ، وقال ابن عباس : معناها إذا نكح الرجل المرأة مرة واحدة فقد وجب الصداق ، فالمعنى فأي شيء استمتعتم به ، وإن قلّ فآتوهنّ أجورهن أي صدقاتهنّ والاستمتاع النكاح ، وقاله : الحسن ومجاهد . وقال السدي : وغير الاستمتاع هنا أن يتزوّجها إلى أجلٍ مسمّى بإذن وليّها ، ويشهد شاهدين ، فإذا تمّ الأجل أمر أن يدفع إليها ما شرط لها ، وليس له عليها سبيل وتعتد ، ولا ميراث بينهما . وسئل ابن عباس عن متعة النساء فقال : أما تقرؤون فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى فقيل له لو قرأناها هكذا لكان الأمر على ذلك . فقال : فإنها كذلك . وفي قراءة أبي زيادة : إلى أجل مسمى ، وكذلك ابن جبير . وقالت عائشة رضي الله عنها كانت المتعة حلالاً ، ثم نسخ الله ذلك بالقرآن ، وروي ذلك عن ابن عباس وهو قول ابن المسيب والقاسم وسالم وعروة . قال ابن عباس : نسخها { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [ الطلاق : 1 ] . وقال ابن المسيب : نسخت المتعة بآية الميراث يعني : { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ } [ النساء : 12 ] لأن المتعة كانت لا ميراث بها . وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت حرم الله المتعة بقوله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [ المؤمنون : 5 - 6 والمعارج : 29 - 30 ] . وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معلوم ، وشرط ( ألا ) طلاق بينهما ، ولا ميراث ولا عدة . [ وقال أبو عبيدة : نسخت المتعة بالقرآن والسنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المتعة يوم الفتح وغيره . ومن قال : إن المعنى إذا تزوجتم المرأة ، فنكحتموها ولو مرة واحدة ] فأعطوها صداقها ، فهي عنده محكمة لا نسخ فيها ، والتقدير : فما استمتعتم به من الدخول بالمرأة فلها الصداق كاملاً فأعطوها إياه ، ودل على ذلك قوله { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ } أي : إن وهبت لك النصف ، أو ما كان فلا جناح ، وإن وهبت لها النصف ، فأعطيتها الكل ، ولم تدخل بها فلا جناح . وقيل : المعنى : إن أدركتم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ } . وقيل المعنى : لا جناح عليكم إذا تم الأجل الذي اشترطتم في الاستمتاع أن يزدنكم في الأجل ، وتزيدهن في الأجر قبل أن يستبرئن أرحامهن ، وهو منسوخ . وقال السدي : إن شاء أرضاها بعد الفريضة بأجرة ، ثم تقيم معه إلى الوقت الذي يتراضون أيضاً عليه ، وهو منسوخ . وقيل : المعنى : لا جناح عليكم فيما وضعه نساؤكم عنكم من صدقاتهن بعد الفريضة . قال ابن زيد : إن وضعت لكم من صداقها فهو سائغ فالمعنى على هذا لا إثم على الرجل أن تضع المرأة عليه مهرها ، أو يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف الصداق ، فيدفعه إليها كاملاً . قال الأخفش { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } تمام . وقال غيره { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } التمام ، وهو أحسن لأن العامل فيه ما قبله من المعنى الذي دل عليه كتاب ، وإنما يصح قول الأخفش إذا نصبت { كِتَٰبَ ٱللَّهِ } على الإغراء ، وهو بعيد . ( وفريضة ) مصدر كأنه قال : فرض ذلك عليكم فريضة وهو التمام .