Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 40-40)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } الآية . قوله : { يُضَٰعِفْهَا } يدل على أضعاف كثيرة إذ لو أراد مرة لقال : يضاعفها ، ومعنى الآية : إن الله تعالى لا يبخس واحداً فعل خيراً مثقال ذرة أي : قدر وزن الذرة فما فوق ذلك ، والذرة في قول ابن عباس : رأس النملة الحمراء . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيعظم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة " وقال صلى الله عليه وسلم : " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " ، وقال الخدري : حين حدث بهذا الحديث عن النبي عليه السلام فإن شككتم ( فَاقْرَءُوا ) { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } . وأتى رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقال له : بلغني أنك تقول الحسنة تضاعف ألف ألف ضعف ، وقال أبو هريرة : لم أقل ذلك ، ولكني قلت تضاعف الحسنة ألفي ألف ضعف . والذرة هنا عند أهل العلم النملة الصغيرة وقال يزيد بن هارون : زعموا أنه لا وزن لها . وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد من عند الله تعالى : ألا من كان يطلب مظلمة فليجيء إلى حقه فيأخذه " قال فيفرح والله المرء أن له الحق على والده وولده أو زوجته وأخته فيأخذه منه ، وإن كان صغيراً ، ومصداق ذلك في كتاب الله { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] . فيقال له : إيت هؤلاء حقوقاً ؟ فيقول : يا رب من أين يا رب وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقول الله عز وجل لملائكته : انظروا [ في ] أعماله الصالحة فأعطوهم منها ، فإن بقي مثقال ذرة من حسنة ، قالت الملائكة : يا ربنا - وهو أعلم بذلك منها - أعطينا كل ذي حق حقه ، وبقي له مثقال ذرة من حسنة ، فيقول الله عز وجل لملائكته : ضعفوها لعبدي وأدخلوه برحمتي الجنة " ومصداق ذلك في كتابه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ } أي : من عنده { أَجْراً عَظِيماً } أي : الجنة يعطيها تفضلاً منه لا إله إلا هو ، وإن فنيت الحسنات ، وبقيت السيئات وبقي طالبون قال الله تعالى : ضعوا عليهم من أوزارهم واكتبوا له كتاباً إلى النار . قوله : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا } هذا لأهل الإيمان كلهم ، وروي عن ابن عمر : أنها في المهاجرين خاصة ، قال : " نزلت الآية في الأعراب { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } قال : فقال رجل : ما للمهاجرين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هو أعظم من ذلك وقرأ { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } الآية " . واختار الطبري أن تكون المضاعفة أكثر من عشرة للمهاجرين خاصة ، وقال : هو في معنى حديث أبي هريرة ، تضاعف بألفي ضعف أي للمهاجرين ، واحتج بأن الله عز وجل قد اخبرنا أن الله يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، فلا يجوز أن يكون في خبره اختلاف ، ولكن ذلك للمهاجرين وهذا لغيرهم .