Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 56-56)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً } الآية . هذا وعيد من الله عز وجل لمن أقام على الكفر وأعرض عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به { سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً } أي نلقيهم في النار . وقيل المعنى : سوف نشويهم بنار . يقال أصليته : ألقيته في النار وصليته شويته ، فنلقيهم أولى بالمعنى لأنه رباعي . قوله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ } أي احترقت واشتوت . قال ابن عمر : إذا احترقت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها بيضاء مثل القراطيس . قال الحسن : تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة ، كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيكونون كما كانوا . قال الربيع : سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول أن جلد أحدهم أربعون ذراعاً ، وسنه تسعون ذراعاً ، وبطنه لو وضع فيه جبل وسعه ، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلوداً غيرها . قال الحسن : تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة . قال : وغلظ جلد الكفار أربعون ذراعاً ، والله أعلم بأي ذراع . وإنما جاز أن يبدلوا جلوداً غير جلودهم التي كانت في الدنيا فيعذبون منها وهي لم تذنب ، لأن الألم إنما يصل إلى الإنسان الذي هو غير الجلد واللحم ، وإنما تحرق النار الجلد ليصل الألم إلى الإنسان ، وينعم ليصل النعيم إلى الإنسان ، وليس يألم الجلد ولا اللحم وإنما يألم الإنسان ، ألا ترى أنه لو مات وحرق الجلد واللحم لم يكن ألم ثابت يحس ، وإنما هو بمنزلة الجندل إذا زالت الإنسانية منه . وقيل : المعنى : بدلناهم جلوداً غير محرقة ، أي يصير الجلد ( غير ) محرق ، وهو كما تقول : صغ لي خاتماً من هذه الفضة ، فإذا تم الخاتم فهو الفضة بعينها . وقيل : المعنى : كلما نضجت سرابيلهم بدلوا سرابيل من قطران غيرها ، فجعلت السرابيل لهم جلوداً لملازمتهم لها كما يقال : الشيء الخاص بالإنسان هو الجلدة ما بين عينيه لملازمته لها . وقد أخبر الله بلباسه السرابيل من قطران فقال { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } [ إبراهيم : 50 ] فأما جلودهم فليس تحرق لأن في احتراقها فناءها ، وفي فنائها راحتها وجواز فناء غيرها من أجسامهم ولحومهم . وقد أخبر الله تعالى أنهم لا يخفف عنهم ولا يموتون . والاختيار عند أهل النظر أن يكون الجلد الأول أعيد جديداً كما كان ، كما تقول صغت من خاتمي خاتماً فأنت وإن غيرت المصوغة ، فالفضة واحدة لم تبدلها . قوله : { لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أي : فعلنا ذلك ليذوقوا العذاب أي : ألمه وشدته { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً } أي : لم يزل عزيزاً في انتقامه لا يقدر على الامتناع منه أحد { حَكِيماً } في تدبيره وقضائه .