Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 62-63)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ } الآية . معنى : كيف في هذا : الاستفهام ، ولها معان أخرى . تكون بمعنى التحذير ، والتخويف نحو قوله { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } [ النمل : 51 ] . وتكون بمعنى الجحود فتتبعها إلى نحو قوله { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 7 ] ألا ترى بعده { إِلاَّ ٱلَّذِينَ } [ التوبة : 7 ] تقديره ما يكون للمشركين عهد . وتكون كيف استفهام بمعنى التوبيخ والتعجب ، نحو قوله { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً } [ البقرة : 28 ] { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 101 ] وتكون تنبيهاً نحو قوله : { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا } [ الإسراء : 21 ] ، { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } [ الإسراء : 48 ] . وتكون توكيداً لما قبلها ، وتحقيقاً له ، نحو قوله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } [ النساء : 41 ] فهذا كله من تفسير الكوفيين النحويين وهو صحيح . والمعنى كيف يكون حال هؤلاء الذين يتحاكمون إلى الطاغوت ويزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ، ويمتنعون أن يأتوا حكمك إذا أصابتهم مصيبة أي : نزلت بهم نقمة من الله تعالى { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي : بذنوبهم التي تلفت منهم { ثُمَّ جَآءُوكَ } حالفين بالله { إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً } . أخبر الله عنهم أنهم لا يردعهم عن النفاق : والعبر والنقمات وأنهم إذا أصابتهم مصيبة بذنوبهم أخذوا يحلفون كاذبين أنا لم نرد إلا الإحسان والتوفيق أي : لم نرد باحتكامنا إلى الكاهن إلا الإحسان من بعضنا البعض ، ولم يرجعوا إلى التوبة والاعتراف . وقيل : أنهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمر القتيل الذي قتله عمر وحلفوا ، أنا ما أردنا بطلب الدم إلا إحساناً وموافقة الحق . قوله : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } أي : يعلم ما أضمروا من احتكامهم إلى الكاهن ، وتركهم الاحتكام إلى كتاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو يعلم ذلك منهم ، وإن حلفوا أنا ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ( أي ) : فدعوهم ولا تعاقبهم في أبدانهم ولكن { عِظْهُمْ } بالتخويف من الله عز وجل أن تحل بهم عقوبة منه { وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } هذا التوعد بالقتل لمن خالف حكم الله وكفر به . وقيل : قوله { فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } مؤخر عن موضعه يراد به التقديم ، فكيف إذا أصابتهم مصيبة في أنفسهم بما قدمت أيديهم . وكونه في غير موضعه من غير تقديم ولا تأخير ، أحسن لتمام المعنى بذلك ، إنما يحسن تقدير التقديم والتأخير إذا لم يكمل معنى الآية ، وتقدير التقديم والتأخير مروي عن مجاهد .