Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ } الآية . من قرأ بالتاء ، فمعناه : فتثبتوا حتى يتبين لكم الفاسق من غيره ، والمأمور بالتثبت في فسحة أوسع من المأمور بالتبيين ، لأن المأمور بالتبين قد لا يعذر على ذلك ، والمأمور بالتثبت لا شك أنه يقدر على ذلك ، فهو في فسحة من أمره ، ومقدرة على فعل ما أمر به ، وليس كذلك المأمور بالتبين لأنه قد لا يتبين له ما يريد إذا تبين ، والتثبت لا يمنع عليه من نفسه . ومن قرأ بالياء فمعناه : تبينوا الفاسق من غيره ، ولا تعجلوا حتى تتبينوا ، فإن العجلة من الشيطان . وقال أبو عبيدة : إحداهما قريبة من ( الأخرى ) . وقال النحاس وغيره : فتبينوا أؤكد لأن الإنسان قد يتثبت ولا يتبين . وهو لا يتبين إلا مع التثبت ، ففي البيان يقع التثبت وليس بالتثبت يقع البيان . [ فالبيان ] لا بد منه فكل من تبين أمراً فبعد أن يتثبت فيه بان له ، وليس كل من تثبت في أمر تبينه ، فالبيان على هذا أوكد وأعلم ، ولكنه أشد كلفة في التثبت . ومعنى الآية أن الله تعالى أمر المؤمنين إذا ضربوا في الأرض أي : ساروا في الجهاد أن يتثبتوا في القتل ، إذا أشكل عليهم الأمر ، فلم يعرفوا حقيقة إسلام من أرادوا قتله ، وأن لا يقولوا لمن ألقى إليهم السلم ، أي : من استسلم في أيديهم { لَسْتَ مُؤْمِناً } ليأخذوا ما معه . ومن قرأ السلام : فمعناه لا تقولوا لمن سلم عليكم { لَسْتَ مُؤْمِناً } لتأخذوا ما معه ، فعند الله مغانم كثيرة من رزقه ، فلا يغرنكم سَلَب من استسلم في أيديكم . { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } أي : كنتم من قبل مثل هذا الذي قتلتموه ، وأخذتم ماله استخفى بدينه من قومه حذراً على نفسه منهم ، وكذلك كنتم . وقيل : معناه ، وكذلك كنتم كفاراً مثله ، فهداكم الله وأعز دينكم ، ومَنَّ عليكم بالإسلام والتوبة . وقيل : معنى : { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } فقد مَنَّ الله عليكم بالتوبة من قتيلكم هذا الذي استسلم إليكم ، ثم قتلتموه وأخذتم ماله ، فتثبتوا أي : لا تعجلوا في قتل من التبس عليكم أمر إسلامه . وقرأ أبو رجاء : السِلْم بكسر السين . وقرأ أبو جعفر : ( لست مؤمَناً ) بفتح الميم أي : لسنا نؤمنك . وهذه الآية نزلت في قتيل من غطفان اسمه مرداس كان قد أسلم ، فقتلته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قال : إني مسلم ، وقيل : بعدما سلم عليهم . وقيل : بعدما قال : إني مسلم لا إله إلا الله ، وكانت معه غنيمة فأخذوها . ويروى أن الذي قتله مات ودفن ، فلفظته الأرض ثلاث مرات ، يدفن وتلفظه الأرض فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلقوه في غار من الغيران ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الأرض تقبل من هو شر منه ، ولكن الله جعله لكم عبرة " . وقراءة من قرأ السلام يدل على أن ما روي أنه كان رجل معه غنيمة لقيه سرية من المسلمين ، فقال : السلام عليكم ، وكانت جُنَّة لا يقتل من قالها ، فقتل الرجل وأخذ ما معه . وحجة من قرأ السلام ما روي أنه قال لهم : إني مسلم وما روي أنه قال : إني مسلم لا إله إلا الله . قوله : { [ إِنَّ ٱللَّهَ ] كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي : خبيراً بما تصنعون في طلبكم الغنيمة ، ولم تقبلوا منه ما قال لكم .