Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 93-93)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } الآية . وروى أبو هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والله للدنيا وما فيها أهون على الله من قتل مسلم بغير حق " . وروى عنه أيضاً أنه قال : " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوب على جبهته : آيس من رحمة الله " وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل ذنب عسى [ الله ] أن يغفره إلا لمن مات مشركاً ، أو من قتل مؤمناً متعمداً " المعنى : من يتعمد قتل مؤمن فجزاؤه جهنم . وقتل العمد عند مالك سواء كان بحجر أو عصا أو حديدة فيه القود . وقال غيره : لا يكون قتل العمد إلا بحديد ، وأثبت جماعة شبه العمد وهو قول الشافعي ، وهو الضرب بالخشبة الضخمة والحجر ، فجعلوا فيه ثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة وأربعين خليفة . وليس عند أكثرهم في القتل غير الخطأ أو العمد ، فأما شبه العمد فليس له نص في كتاب الله ، ولا تواترت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم … مذهب مالك : ومن أحرق رجلاً قتل به ، وهو عمد ، ولو أطعمه شيئاً فقتله ، وقال : لم أرد قتله إنما أردت أن أسكره ، فقال مالك : يقتل ، ولا يقبل منه ، وهو عمد . ومن قتل رجلاً بخنق فهو عمد ، وقال محمد بن الحسن : إذا خنقه ، وألقاه من ظهر جبل أو سلم ( فمات ) فهو خطأ . وإذا أمسكه واحد وقتله الآخر قتلا به جميعاً عند مالك ، إلا أن يكون الممسك أمسكه وهو لا يظن أن الآخر يقتله ، فيعاقب ولا يقتل الممسك ، وإذا أمر الرجل عبده بقتل رجل فقتله العبد فيقتلان جميعاً عند مالك ، وهو قول قتادة . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : أما العبد فيسجن ، وأما السيد فيقتل . وقال أبو هريرة : يقتل الآمر دون العبد وكذلك قال الحسن وعكرمة ، وقال الشعبي يقتل العبد ويضرب السيد . وقال الشافعي : إن كان العبد أعجمياً ، أو صبياً فعلى السيد القود دون العبد ، وإن كان يعقل ويفهم ، فعلى العبد القود ، وعلى السيد العقوبة . فإن أمره رجل بقتل آخر ، فقتله فعلى القاتل القود عند مالك ، والشافعي ، وجماعة من التابعين . وقوله : { فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا } معناه : فجزاؤه إن جازاه ، قاله التميمي وغيره ، ورواه ابن جبير عن ابن عباس . وهو كما يقول الرجل لعبد قد جنى عليه : ما جزاؤك إلا كذا وكذا ، وهو لا يفعل به ذلك ، فمعناه هذا جزاؤك إن جوزيت على ذنبك ، فكذلك الآية ، معناها : فجزاؤه إن جوزي على فعله جهنم ، والله أكرم الأكرمين ، له العفو وله العقوبة يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 48 ] يدل على جواز العفو على القاتل عمداً . وقيل : إنها نزلت في رجل بعينه أسلم ، ثم ارتد ، وقتل رجلاً مؤمناً ، فمعنى الآية : ومن يقتل مؤمناً متعمداً مستحلاً قتله فجزاؤه جهنم ، فالكافر يقتل المؤمن مستحلاً وليس كذلك المؤمن ، بل إن قتل فإنما يقتل وهو يعلم أن قتله حرام . وقيل : نزلت في رجل من الأنصار قُتِل ولي له . وقبل الدية ، ثم وثب على قاتل وليه فقتله وارتد ، قال ذلك ابن جريج وغيره . وقال مجاهد : إلا من تاب يعني ان العفو من الله جائز للقاتل عمداً إذا تاب ، وهو قول ابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وجماعة من العلماء . وعن ابن عباس أنه لا توبة له ، وأنها محكمة لم تنسخ . وقال زيد بن ثابت : نزلت { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } الآية بعد أن نزلت { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } [ النساء : 48 ] الآية بأربعة أشهر . وقال ابن عباس : هذه الآية التي في النساء مدنية نسخت التي في الفرقان { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ } [ الفرقان : 70 ] لأنها مكية . وعن ابن عمر وزيد بن ثابت : إن للقاتل توبة وهو قول جماعة من العلماء لقوله : { إِلاَّ مَن تَابَ } وقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ } [ طه : 82 ] وقوله : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } [ الشورى : 25 ] . وروي عن ابن عباس أنه قال : التي في الفرقان نزلت في أهل الشرك . وعن زيد بن ثابت أنه قال : نزلت سورة النساء بعد الفرقان بستة أشهر . وكان الطبري يقول : جزاؤه جهنم حقاً ، ولكن الله يعفو ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله ، فلا يجازيه بالخلود فيها إما أن يعفو ، فلا يدخلهم النار ، وإما أن يدخلهم ، ثم يخرجهم بفضل رحمته لقوله { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } [ الزمر : 53 ] .