Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ } إلى قوله { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . قد تقدم ذكرهم ، والتقدير : هذا تنزيل الكتاب من عند الله العزيز في انتقامه من أعدائه ، الحكيم في تدبيره خلقه . ثم قال : { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } . أي : ما أحدثنا ذلك وأوجدناه ( بعد أن لم يكن ) إلا لإقامة الحق والعدل في الخلق ، ( وإلا لأجل مسمى ) ، فكل ذلك معلوم عنده تعالى متى - يفنيه فيصيره معدوماً عندكم - أمر بفناء ذلك . ثم قال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } . أي : والذين جحدوا توحيد الله سبحانه ولم يؤمنوا بالبعث بعد الموت معرضون عن إنذار الله عز وجل ، لا يتعظون ولا يتفكرون في آيات الله سبحانه فيعتبرون ويزدجرون . ثم قال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } . أي : قل لهم يا محمد - لهؤلاء الكفار بالله سبحانه من قومك - أرأيتم أيها الناس الآلهة التي تعبدون من دون الله سبحانه : أروني أي : شيء خلقوا من الأرض ، فإن ربي خلق الأرض كلها . وقيل " من " بمعنى " في " ، والمعنى أروني { مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } فإن ربي خلق الأرض كلها ، فلأي شيء عبدتموها ولأي حجة آثرتم عبادتها على عبادة الله سبحانه الذي خلقها وابتدعها ، وخلق كل ما في الأرض من غير أصل . { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } . أي : أم لآلهتكم شرك في خلق السماوات السبع فيكون لكم بذلك حجة في عبادتكم إياها ، فمن حجتي في إفراد الله بالعبادة أنه خلق السماوات والأرضين وابتدع ذلك من غير أصل . ثم قال : { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ } . [ أي : جيئوني بكتاب من قبل هذا ] القرآن فيه أن آلهتكم خلقت شيئاً من السماوات والأرضين ، أو جيئوني بأثارة من علم بذلك . " وأثارة " مصدر كالسماحة . قال ابن عباس : هو خط كانت تخطه العرب في الأرض ، وروى أن نبياً كان يخط بإصبعيه في الأرض السبابة والوسطى ، يخط بهما في الرمل ويزجره . وقال قتادة معناه : أو خاصة من علم تخبر أن آلهتكم خلقت شيئاً أو لها شرك في شيء ، وهو قول ابن جبير والحسن . وقيل معناه : أو علم تثيرونه فتستخرجونه . وقيل معناه : أو تأثرون بذلك علماً عن أحد ممن كان قبلكم ، قاله مجاهد . وعن ابن عباس : " أو أثارة من علم " ، معناه : أو بيّنة من الأمر . وقال أبو عبيدة وأبو بكر بن عياش معناه : أو بقية من علم . ثم قال : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } / . أي : إن كنتم صادقين في دعواكم ما تدعون أن آلهتكم مستحقة أن تعبد . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، أو أَثَرَةٍ من علم ، على فَعَلَةٍ وهما لغتان عند الفراء ، وحكى الكسائي لغة ثالثة : أو أُثْرَِةٍ على فُعْلَةٍ . والمعنى عنده : أو بقية من علم ، ويجوز أن يكون معناه عنده : أو شيئاً مأثوراً من كتب الأولين . وأثرة بمعنى أثر ، كقترة وقتر ، والمأثور هو المتحدث به مما صح سنده عن من يحدث به عنه .