Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 5-5)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . [ أي : لا أحد أضل ممن يعبد من دون الله ] حجراً لا يستجيب له إذا دعاه أبداً ، ولا ينفعهم ، وتلك الحجارة التي يعبدونها غافلة عن دعاء هؤلاء الكفار ، لا تعقل ولا تفهم ، ووقعت " من " للأصنام والحجارة ، وهي لا تعقل لأنهم جعلوها في عبادتهم إياها بمنزلة من يعقل ويميز ، فخوطبوا على مذهبهم فيها . وقد قرأ ابن مسعود ( مَا لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ ) كما قال : { لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ } [ مريم : 42 ] ، فأجراه على المعنى ، وأتى بـ " ما " التي تكون لما لا يعقل ، وقد كان يلزم أن يقرأ : " وهي عن دعائهم غافلة لكنه أتى به على لفظ من يعقل ، فمرة رد الكلام على المعنى ، ومرة رده على ما جرى في مخاطباتهم ومثل قراءة الجماعة هنا : قوله : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ } [ الزمر : 3 ] وأتى بالهاء والميم وهما لمن يعقل ، فجرى الإخبار عن الأصنام على ما يجري في مخاطباتهم ، لأنهم أجروها مجرى من يعقل ومن يميز ، ولو أتى الكلام على المعنى لقال : " ما نعبدها إلا لتقربنا " . وهذا كله توبيخ من الله جلَّ ذكره للمشركين لسوء رأيهم وقبح اختيارهم في عبادتهم ما لا يعقل شيئاً ولا يفهم ، وتركهم عبادة من أنعم عليهم بجميع ما هم فيه من النعم ، وإليه يلجئون ويتفرعون عند حاجتهم وضروراتهم .