Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 112-113)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ } الآية . روي عن ابن عامر : ( الحواريون ) بالتخفيف ، استخفافاً ، والتشديد الأصل . ومعنى الآية : أنهم سألوا ذلك ليثبتوا في صدقه ، كما قال إبراهيم { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } [ البقرة : 260 ] . وقيل : إنهم إنما سألوا ( هذا ) قبل أن يعلموا أن عيسى يبرئ الأكمه ، ويحيي الموتى ، فسألوه آية . ومعنى : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ } ، أي : ينزل علينا ربك مائدة ، كما تقول للرجل : " أتستطيع أن تنهض معي في كذا ؟ " ، وأنت تعلم أنه مستطيع ، وإنما تريد : " أتنهض معي في كذا ؟ " . وقيل : معناه : هل يستجيب لك ربك إن سألته ؟ . وقال الحسن : المعنى : هل ربك فاعل بنا ذلك ؟ . والعرب تقول : " ما أستطيع ذلك " ، أي : ما أنا فاعل ذلك ، وهو يستطيع . وقيل : إنهم سألوه قبل أن يكونوا مؤمنين محققين ، ثم آمنوا بعد ذلك ، ودل على ذلك استعظام عيسى لقولهم ، وقوله لهم : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } . قال ابن شهاب : قال ابن عباس : قال عيسى لبني إسرائيل : هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يوماً ، ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم ، فإن أجر العامل على مَن عمل له ! ، [ ففعلوا ثم قالوا : يا معلّم الخير ، قلتَ لنا : " إن أجر العامل على مَن عمل له " ] ، وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يوماً ، ففعلنا ، ولم نكن نعلم لأحد ثلاثين يوماً إلا أطعمنا - حين فرغ - طعاماً ، فهل يستطيع ربك أن ينزّل / علينا مائدة من السماء ؟ فقال عيسى : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } ، فاعتذروا بقولهم : { نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } أي : بنبوتك ، ونعلم صدقك ، فأقبلت الملائكة تطير بمائدة من السماء ، عليها سبعة ( أرغفة وسبعة أحوات ) حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم . قال السدي المعنى : " هل يطيعك ربك إن سألته " . وقرأه الكسائي بالتاء ، ونصب ( ربَّك ) ، ومعناها : أن الحواريين لم يكونوا شاكين ، إنما قالوا لعيسى : هل تستطيع أنت ذلك ؟ . قالت عائشة : كان الحواريون لا يشكون أن الله قادر على أن ينزل عليهم مائدة . ( و ) روي عنها أنها قالت : كان الحواريون أعرف بالله من أن يقولوا : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } . ( و ) تقدير قراءة الكسائي : هل تستطيع مسألة ربك أن ينزل علينا مائدة . والمائدة فاعلة ، من مادَ فلان القوم يميدهم : إذا أطعمهم . قال أبو عبيدة : ( مائدة ) من العطاء ، وهي " فاعلة " بمعنى مفعولة وقال الزجاج : " مائدة : فاعلة من مادَ يميد : إذا تحرك " ، ومنه ماد الرجل في البحر : إذا دار رأسه وقيل : المائدة : المطعمة ، كأنها الطاعمة . ومعنى قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : اتقوه أن تَنزِل بكم عقوبة ، فإن الله سبحانه لا يعجز عن شيء أراده ، فلا تَشُكّوا في قدرته هذا على قراءة الجماعة .