Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-116)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ } الآية . المعنى : واذكر إذ قال { ٱللَّهُ } . وجماعة من المفسرين على أن الله أخبرنا أنه قال لعيسى حين رفعه إليه ، قاله السدي وغيره . وقيل : هو خبر من الله عما يكون في القيامة ، قال ابن جريج : يقول ذلك لعيسى والناس يسمعون ، فيراجعه بالإقرار والعبودية ، فيعلم من كان يقول في عيسى ما يقول أنه إنما كان باطلاً . ودَلّ قوله : { هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ } على أنه يوم القيامة . و ( إذ ) - على هذا - بمعنى " إذا " ، ويكون { قَالَ } بمعنى " يقول " كما قال : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ } [ سبأ : 51 ] أي : إذا ( فزعوا ) وإذ يفزعون . والمسألة في قوله : { أَأَنتَ قُلتَ } إنما هي على وجه التوبيخ للذين ادعوا عليه ذلك ، وهم بنو إسرائيل . واختار الطبري قول السدي أنه خبر قد كان حين رفعه الله إليه ، لأن ( إذ ) { فِي } ( الأغلب ) من كلام العرب - لما مضى - فحَمْلُ الكلام على الاكثر الفاشي أولى ، ولأن عيسى لا يشك - هو ولا أحد من الأنبياء - أن الله لا يغفر لمن مات على شركه ، فيجوز أن يتوهم على عيسى أنه قال في الآخرة - مجيباً لربه إذ سأله عمن اتخذه ( هو ) وأمه إلهين { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ المائدة : 118 ] . ووجه سؤال الله لعيسى عما قد علم أنه لم يفعله : هو على معنى تنبيه المسؤول على الاستعظام ، كقولك للرجل : " أفعلت كذا وكذا ؟ " - وأنت تعلم أنه لم يفعله - / ليستعظم فعل ما قد سألته عنه ، وقيل : إنما سأله عن ذلك على وجه إعلامه أن أمته قد فعلت ذلك بعده ، فأعلمه حالهم بعده . ومعنى : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي } أي : تعلم غيبي ، ولا أعلم غيبك حتى تُطلِعَني عليه ، { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } أي : علام الخَفِيّات من الأمور . وقيل : المعنى : تعلم حقيقتي ولا أعلم ( غيبك ) ولا حقيقتك . والنفس - في كلام العرب - يجري على ضربين : على النفس التي بخروجها يكون الموت ، كقولك : " خَرَجَت نفسُ فلان " أي : مات . ويكون جملة الشيء وحقيقته ، تقول : " قَتَل فلان نفسَه " ، فليس المعنى ( أن ) الهلاك وقع ببعضه ، إنما وقع بذاته كلها وحقيقته . وأجاز بعضهم الوقف على ( ما ليس { لِي } ، ويكون { بِحَقٍّ } متعلقاً بـ { عَلِمْتَهُ } على معنى : فقد علمته بحق ، ورد ذلك بعضهم ، لأن التقديم والتأخير لا يجوز إلا بتوقيف أو فيما { لاَ } يمكن إلا ذلك . والتمام عند نافع وغيره { بِحَقٍّ } . وكذلك روي أن النبي صلى الله عليه وقف عليه .