Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 11-11)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ } الآية . معنى الآية : أن الله جل ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالشكر على نعمه ( إذ دفع ) عنهم كيد اليهود عليهم اللعنة . وكان / سبب نزول هذه الآية أن النبي عليه السلام أمّن رجلين مشركين من بني كلاب وأعطاهما سهمين من سهامه أماناً لهما ، فلقيهما عمرو بن أمية الضَّمْري وهو مقبل من بئر معونة فقتلهما ولم يعلم أن معهما أماناً من النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قدم عمرو على النبي عليه السلام قال له : قَتَلْتَهُما ( و ) معهما أماني ؟ ! قال : لم أعلم ، فَوداهُما النبي عليه السلام ومضى إلى بني النضير من اليهود ومعه أبو بكر وعمر وعلي وعثمان رضي الله عنهم ، يَسْتعينهم على دية الكلابِيَيْن اللّذَيْن قتلهما عمرو فلما قَرُبَ من مدينتهم ، خرجوا إليه فتلقَّوه وقالوا : مرحباً بك يا أبا القاسم ، ماذا جِئْتَ له ؟ ، فقال : رجل من أصحابي أصاب رجلين من بني كلاب - معهما أمانٌ منّي - فقتلهما فَلَزِمَني دِيَتُهما ، فأريد أن تُعينوني قالوا : نعم والحُبُّ لَك والكَرامةُ يا أبا القاسم ، اقْعُد حتى نجمع لك ، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تحت الحصن ، فلما خلا بنو النضير - بعضهم ( إلى بعض ) - قالوا : لن نجد محمداً أقربَ منه الآن ، فَمَن رَجُلٌ يَظهَر على هذا الجدار فَيَطْرح عليه رحىً أو حجراً فيريحنا منه ؟ ، فقال رجل منهم : أنا ، وهو عمرو بن جحاش ، فأتى جبريل النبي صلى الله عليهما فأعلمه الخبر ، فقام وتبعه أصحابه ، فأنزل الله جل ذكره { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } الآية ، وفي ذلك نزل { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ ( إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ ) } [ المائدة : 13 ] ، فعند ذلك بعث ( إليْهم النبيُّ ) محمد بن مَسْلَمَة الأُوسي ، وأمره أن يأمرهم بالرحيل والخروج من جواره ، فلما أتاهم محمد بن مسلمة ، تلقوه وسلموا عليه ، فقال [ لهم ] : إني أُرسِلْتُ إليكم برسالة ، ولَسْتُ أَبَلِّغكُمُوها حتّى أَسْأَلَكُم عن شيء قلتموه لي قبل اليوم ، قالوا : ( سَلْنا عمّا بدا لَكَ ) ، فقال لهم محمد بن مسلمة : أليس قد أتَيْتُكم سَنَة كذا وكذا فقلتم لي : يا ابن مَسلمةٍ ، إن ( شِئت هَدَيْناك وإن شئت غدّيناك ) ، فقلت : والله ما لي حاجة بهداكم ، فقَرَّبْتُم إليّ طعاماً في صَحْفة جَزْع - كأني انظر : إليها - ، فلما فَرَغْتُ من [ غذائي ] ، قلتم لي : ما الذي أرغبك عن التوراة ؟ ، فقلت : ما لي بها حَاجة ، فقلتم كأنك تريد الحنيفية ؟ ، فقلت : إيهاً والله أريدها ، فقلتم لي : أما إنَّ صاحبها قد [ رهنك ] خروجه ، وأشرتم نحو مكةَ وقلتم لي : ذلك الضّحوك القتّال يركب البعير ويَلبَس الشملة و [ يجتزئ ] بالكسوة ، سيفه على عاتقه ، ( لتكونن - على يديه - في هذه البلاد ) ملاحم وملاحم وملاحم ، قالوا : قد قلنا لك ذلك ، ولكن ليس هو هذا . قال : أشهد ( أن لا ) إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، هو - والله - هذا ، وقد بعَثَني إليكم وقال : قد غدرتم مرةً ومرةً ومرةً ، فارْتحِلوا من بَلَدي وارتحلوا من جواري ، فقالوا : أخِّرنا عشرة أيام نتجهز ونخرج ، ففعل ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرَه ، فَصَوَّبَ أمرَه ، وأمرَ النّبي صلى الله عليه وسلم بحراسة المدينة ، فدبّ إليهم المنافقون وقالوا : لِمَ ترتحلون ، وإنّما أنتم أهل الثمار والأموال ، وقد نَزَل بكم محمد ولم تَنزِلوا به ؟ ، فبعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : اصْنَع ما أنت صانع فلسنا بمُرتَحلين ، فكبّر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث تكبيرات ثم قال : خابَتْ يَهودُ ، لا تُصَلُّوا الظُّهرَ إلاّ عندهم ، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم فصالحوه / على ما حمل ( الحافر والخُفَّ ) : الجمل بين رجلين ، والحافر لرجل واحد ، وَارْتَحَلوا . قال قتادة : هذه الآية نزلت على النبي عليه السلام وهو بنَخْل في الغزوة السابعة ، أراد بنو ثعلبة أن يفتكوا بالنبي عليه السلام فأطلعه الله على ذلك . وقيل : النعمة التي أمر الله بالشكر عليها - هنا - هي أن اليهود كانت همت بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في طعام دَعَوْهُ إليه ، فأعلم اللهُ نَبيَّه بما همُّوا به ، فلم يأتهم . وقيل : هي ما أطلع الله نبيه من أمر المشركين إذ هموا أن يميلوا على المسلمين - وهم في صلاتهم - ميلة واحدة ، وذلك يوم بطن [ نخل ] ، فعلَّم الله نبيَّه صلاة الخوف والحذر منهم ، وهي الغزوة السابعة . وقيل : هي ما فعل الأعرابي ، وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مستظلاً تحت شجرة - وأصحابه متفرقون - إذ جاء أعرابي إلى سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو معلق في شجرة - فأخذ السيف وسله ، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مَن يمنعك مني ؟ ، قال : الله ، قال الأعرابي - مرتين أو ثلاثاً - : من يمنعك مني ؟ ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله ، فشام الأعرابي السيف ، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه " ، قال قتادة : كان قوم أرادوا أن يفتكوا برسول الله عليه السلام ، فأرسلوا هذا الأعرابي . وقيل : " هم قريش بعثت رجلاً ليفتك برسول الله ، فأتى وسَلَّ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : من يمنعك مني يا محمد ؟ ، [ قال : الله ] ، ثم رد السيف في غمده " .