Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال علقمة : ما كان في القرآن { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فهو نزل بالمدينة ، وما كان { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } فهو نزل بمكة . وهذا قول جرى من علقمة على معنى أن الأكثر كذلك ، وليس يصحب ذلك في كل القرآن ، بل " قد " يكون في المدني { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } وفي المكي { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } . ولكن ما كان فيه { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فهو مدني ، وما كان ( فيه ) { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } ولَيْسَ فِيه { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فهو مكي ، وفي " النور " اختلاف . قوله { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ } نصب على الحال من المضمر في { أَوْفُواْ } يراد به التقديم ، وقيل : هو حال من الكاف والميم " في قوله { أُحِلَّتْ لَكُمْ } . وقيل : من الكاف والميم " في { عَلَيْكُمْ } . ومعنى الآية الأولى - من هذه السورة - أن العقود : العهود التي ( قد ) كان عاهد بعضهم بعضاً بها في الجاهلية من النصرة والمؤازرة ، أمروا في الإسلام أن يوفوا بها ، قال ذلك ابن عباس ومجاهد والضحاك / وقتادة والسدي والثوري . وروي أن النبي عليه السلام قال : " أَوْفوا بِعَقْدِ الْجاهِلِيَّةِ وَلا تُحدِثوا عَقْداً في الإِسْلامِ " . وقال الكلبي : العقود هنا الفرائض وما أُحِلَّ لهم وما حرم عليهم . وقيل : هو كل شيء عقده الإنسان على نفسه : من حج أو يمين أو هبة أو عتق أو نكاح أو طلاق أو شبه ذلك . وكل طاعة ألزمها الإنسان نفسَه ، فليس له أن يخرج منها حتى يُتِمَّها ، وعليه القضاءُ إن قطعها من غير عذر . " و " قال ابن جريج : هي العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق محمد ، فهي لأهل الكتاب خاصة ، وكان في كتاب رسول الله الذي بعثه إلى نجران : هذا بيانٌ من الله ورسولِه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } إلى { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } . وقال زيد بن أسلم : العقود - في هذه الآية - " سِتَّة " : " عهد الله وعقد الحلف وعقد الشركة وعقد البيع وعقد النكاح وعقد اليمين " . ( و ) قوله { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } " الآية . " قال الحسن : بهيمة الأنعام : الإبل والبقر والغنم " . وقال قتادة والسدي والضحاك : بهيمة الأنعام : { ٱلأَنْعَامِ } كلُّها . وقال ابن عمر : بهيمة الأنعام : ما في بطونها . قال عطية : هو بمنزلة كبدها يؤكل ، وسئل ابن عمر عنه يخرج ميتاً ، فأجاز أكله ، يريد بعد ذكاة أمه ، ( لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ذَكاةُ الْجَنينِ ذَكاةُ أُمِّهِ " ) . فأما إِن خَرجَ ميّتاً - والأم حية - فلا يؤكل أَلبتَّة ، وقال ابن عباس مثل ذلك . وروي " عن " الضحاك أن بهيمة الأنعام الوحش مثل ( الظباء والحمر ) وشبهه . والأنعام - في اللغة - يشتمل على الإبل والبقر والغنم ، وسميت الأنعام بهيمة ، لأنها أُبْهِمَت عن التمييز . وقوله { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي : فإِنَّه حرام ، وهو قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ ( وَٱلْدَّمُ ) } [ المائدة : 3 ] وما بعدها . وقيل : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } هو الخنزير . وقيل : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } هو الدم المسفوح ، لأنه أحلها ثم حرّم دمها . { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } : الحُرم جمع حرام ، " وحرام " بمعنى مُحرِم . وهذه الآية - على عدد المدني ، من أول السورة إلى { يُرِيدُ } - فيها خمسة أحكام : - الأول قوله : { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } . - والثاني قوله : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } . - والثالث قوله : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } . - والرابع قوله : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } . - ودل على أن الصيد حلال لغير المحرم ، فهو الحكم الخامس .