Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 45-45)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ [ بِٱلنَّفْسِ ] } الآية . قرأ الكسائي برفع ( العين ) وما بعده ، واحتج له بإجماعهم ( على الرفع ) في { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ القصص : 83 ] ، وقوله { وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الجاثية : 19 ] ، فرفع [ ما ] بعد ( أنّ ) فيهما على القطع ، فكذلك ( العين ) وما بعدها . وقيل : هو معطوف على موضع { ٱلنَّفْسَ ( بِٱلنَّفْسِ ) } . وقيل : هو معطوف على المضمر الذي في [ ٱلنَّفْسَ ] . وقال بعض العلماء : من نصب جعله كله مكتوباً في التوراة ، من رفع جعل { وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ } وما بعده ابتداء حكم في المسلمين ، وجعل { ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } هو المكتوب في التوراة دون ما بعده . والرفع [ قراءة ] النبي عليه السلام فيما روي عنه . ومن نصب { وَٱلْجُرُوحَ } عطفه على ما قبله ، وأعمل فيه { أَنَّ } ، و { قِصَاصٌ } الخبر . ومن رفع قطعه مما قبله ، [ واختير قطعه مما قبله ] لمخالفة خبره خبر ما قبله ، ولمخالفة حكمه حكم ما قبله ، ولمخالفة إعراب خبره ( إعراب ) خبر ما قبله ، فلما خالف ما قبله ، من هذه الوجوه قوي القطع ، فرُفع على الابتداء . والمعنى : وكتبنا على هولاء اليهود الذين يحكمونك - وعندهم التوراة - في التوراة أن يحكموا بالنفس [ في النفس ] والعين " بالعين " وما بعده . قال ابن عباس : لم يجعل الله لبني إسرائيل دية ، إنما هو النفس بالنفس أو العفو . فهذا استوى فيه أحرار المسلمين : الرجال والنساء فيما بينهم في النفس ، وفيما دون النفس / إذا كان عمداً ، ويستوي فيه العبيد : رجالهم ونساؤهم فيما بينهم إذا كان عمداً في النفس ، وفيما دون النّفس . والقصاص من العين هو ظاهر النص ، وبه قال علي بن أبي طالب والشعبي والنخعي والحسن ومالك والشافعي وغيرهم و [ قراءة ] الرفع توجب ذلك ، لأنه حكم مستأنف للمسلمين ، وليس بحكاية عما في التوراة . والنصب إنما هو حكاية عما في التوراة ، فيجوز ألا يكون ( حكماً لنا ) . ويكون القصاص في الأنفس عندنا من قوله تعالى : [ { ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ } الآية ، ويجوز أن يكون ( حكماً لنا ) أيضاً بنص آخر وهو ] : { ٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ } ، فيكون هذا بيان أن ذلك حكم لنا . وأحسن ما روي في صفة الاقتصاص من العين ما فعل " علي " بن أبي طالب : وهو أنه أمر بِمِرْآةٍ فَأحْمِيَتْ ، ثم وضع على العين الأخرى قُطناً ، ثم أخذ المِرآة بكلبتين . فأدناهما من عينه حتى سال إنسانُ عينه . وإذا ضرب رجل عين رجل فأذهب بعض بصره وبقي بعض ، فالحكم فيها - على ما فعل علي بن أبي طالب - : أن تُعْصَب عينُه الصحيحة ، ويعطى رَجُلٌ بيضة ويذهب " بها " ، فحيث ما انتهى بصر المضروب عُلِّمَ ، [ ثم يرجع فيغطّي ] عينه ، وتكشف الأخرى ، ثم يذهب الرجل بالبيضة فحيث ما انتهى بصر المضروب علم ] ، ثم يحوّل المضروب فيفعل به من ناحية أخرى في عينيه جميعاً مثل ذلك ، ويكال الموضعان فإذا استويا نظر ما بين امتداد نظر الصحيحة والسقيمة ، فيعطي من مال الضارب بقسطه ، وبذلك قال مالك والشافعي . ولو فقأ أَعْورُ عين صحيح : فقيل : لا قود عليه ، وعليه الدية . روي ذلك عن عمر وعثمان . وقيل عليه القصاص ، وهو قول علي بن أبي طالب ، وبه قال الشافعي . وقال مالك : إن شاء فقأ عينه ، وإن شاء أخذ دية عين أعْوَر كاملة . وإذا أُوْعِبَ جَدْعُ الأنفِ ، ففيه الدية ، وهو قول سائر العلماء . ولو كسره عمداً لكان فيه القود عند مالك ، وإذا كسره خطأ - فبرأ على غير عثم - فلا شيء فيه عند مالك ، وإن برأ على عَثْمٍ ، ففيه اجتهاد الإمام . وكذلك قال : ( ابن ) القاسم إن خَرّم أنفه : وإذا قطع من أصله - أو من العظم - ففيه الدية كاملة عند مالك - . وإذا أفسد الخياشيم فانسكرت حتى " لا " يتنفس ، ففيها الاجتهاد . وأما السن : فجاء الخبر من أنه أقاد من السن ، وأنه قال : ( و ) في السن خمس من الإبل . وظاهر النص " القصاص " . ورُوي عن علي بن أبي طالب وابن عباس في السن بخمس من الإبل أي : سن كانت ، وبه قال عروة بن الزبير والزهري وقتادة ومالك والشافعي والثوري وغيرهم . وروي عن عمر أنه حكم فيما أقبل من الفم - الثنايا والرباعيات والأنياب - بخمس فرائض في كل سن . كل فريضة : عشرة دنانير ، فذلك خمسون ديناراً في كل سن . وقضى في الأضراس ( ببعير بعير ) ، وقضى معاوية في الضرس بخمس فرائض . فالدية تزيد إذا أصيب الفم كله عند معاوية ، وتنقص عند عمر . وإذا اسودت السن من ضربة أو جناية ، فقد تم عقلها عند مالك وغيره ، لأن جمالها قد ذهب ، فإن طرحت بعد ذلك ، كان فيها عقلها ، لأن منفعتها قد ذهبت . وروي عن عمر أنها إذا اسودت ففيها ثلث ديتها . وقيل : فيها حكومة إذا اسودت ، وبه قال الشافعي . ( وإن ) قلعت سن الصبي ، فنبتت ، فلا شيء فيها ، إلا أن تنبت ناقصة الطول ( عن ما ) هو مثلها ، / فيؤخذ من الجاني بقدر ما نقصت ، هذا مذهب مالك والشافعي وغيرهما . وقال مالك : لأولياء الصبي أن يضعوا عقلها ، فإن نبتت ردوها على أهلها . وقيل : في ذلك حكومة . وإذا أخذ الكبير دية سنه ثم نبتت ، فلا يرد ما أخذ عند مالك ، لأنه أخذه بحق . وقال أصحاب الرأي : يرد ما أخذ . واختلف في ذلك قول الشافعي . ولو جنى عليها آخر فسقطت ، أخذ صاحبها إرشها تاماً . ولو قلعت سن قوداً ثم أخذها صاحبها فردها فالتحمت ، فلا شيء عليه عند ابن المسيب ، وهو قول عطاء ، وقال : ليس له أن يردها ثانية ، وإن ردها ، أعاد كل صلاة صلاها وهي عليه ، ويَجْبُره السلطان على قلعها مرة أخرى . وكذلك قول الثوري وغيره : تقلع ثانية ، لأن القصص للشَّيْن ، فلا بد من قلعها . وقال مالك في قصاص الأسنان : " الثنية بالثنية " ، والرباعية بالرباعية والسفلى بالسفلى . ولا [ تقاد ] سن إلا بمثلها في موضعها ، فإن لم يكن له مثل الذي طرح ، رجع ذلك إلى العقل . ولو قلعت سن رجل فداواها وردها [ فالتحمت ] ، فلا شيء فيها على الجاني عند مالك إذا عادت كهيئتها . وقال الشافعي : لا يسقط عن الجاني شيء مما وجب عليه . وفي السن الزائدة إذا قلعت - عند مالك - حكومة ، وهو قول الثوري والشافعي . وقال زيد بن ثابت : فيها ثلث السن . فإن كسر بعضها أعطى صاحبها بحساب ما نقص منها ، وهو قول الجماعة . [ وأما ] الأذنان : فإذا ذهب سمعهما ففيهما الدية ، فإن قطعتا ولم يذهب السمع ففيهما الاجتهاد ، هذا قول مالك . فإن ضرب رجل رجلاً فادعى المضروب أن سمعه ذهب ، اغتفل المضروب وصيح به ، فإن أجاب جواب من يسمع ، لم يقبل قوله ، وإن لم يجب ، أحلف بالله : لقد صممت وما وجدت الصمم إلا منذ ضربت ، فإذا حلف أعطي عقله كاملاً . وفي اللسان الدية . فإن قطع بعضه ، نظر ما نقص من مخارج الحروف من ثمانية وعشرين حرفاً ، فيكون على الفاعل - من الدية - بمقدار ما ذهب من كلامه . وليس في اللسان قود عند مالك ، وروي عنه أنه قال : فيه القود إن كان يستطاع القود منه . وفي لسان الأخرس حكومة عند مالك والشافعي وأهل العراق وغيرهم . وقال النخعي : فيه الدية كاملة ، وقال قتادة : فيه ثلثا الدية . وفي ذهاب الصوت الدية عند جماعة من الفقهاء ، وقيل : فيه حكم . وفي كل اثنين من الإنسان الدية كاملة : في الأذنين والشفتين واليدين والرجلين ونحو ذلك . وعن زيد بن ثابت أن في الشفة السفلى ثلثي الدية ، وفي العليا الثلث ، وهو قول ابن المسيب والزهري . وفي اللحية حكومة عند ابن القاسم . وقال غيره : إن أنبتت فلا شيء فيها ، وإن لم تنبت ففيها الدية . وفي نتف الحاجبين وأشفار العينين حكومة عند مالك " وإن لم تنبت " . والأصابع إذا زالت من الكف ففيها عقل اليد . وفي اليد من المنكب دية اليد لا غير . وما كان من ذلك خطأ ، حملته العاقلة ، وما كان عمداً ففيه القصاص . / وإذا شلت اليد أو الرجل فقد تم ( عقلها ) ، فإن كان الضرب : عمداً ، ضرب الضارب مثل ما ضرب . / وإذا شلت [ الأصابع ] تمت ديتها ، فإن قطعت الشلاء ( أو ) [ الأصبع ] الأشل ، فإنما في ذلك حكومة في مال الجاني . ومن قطع يد رجل - ناقصة منها أصبع - قطعت يده ولا يسأل عن نقص [ الأصبع ] ، أي : أصبع كانت . فإن كانت اليد تنقص أصبعين أو ثلاثة ، لم يقطع يد الجاني ، ولكن عليه العقل في ماله . ومن قطع ( من ) يد رجل أصبعين وما يليهما من الكف ( في ضربة ) واحدة ، وجب عليه خمساً دية الكف . ومن قطع كفاً لا أصابع فيها ، ففيها حكومة . ومن قطع يمين رجل - ولا يمين له - ، فعليه العقل مثل عقل العمد - إذا قُبلت - من ماله . ومن أصيب أصبعه خطأً ، أو ذهبت بأمر من الله ، ثم قطع كفه خطأ ، فإنما له أربعة أخماس الدية على العاقلة . وكذلك إذا ذهبت الأنملة ، ثم قطع الكف ، إنما له حساب ما بقي . وفي الظفر الاجتهاد إذا برأ على عثم ، وإن كان عمداً ففيه القصاص . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " جعل في الأصابع عشراً عشراً " . وأصابع اليد والرجل سواء ، لا فضل لبعضها على بعض . وروي عن عمر أنه قضى في الإبهام بثلاثة عشر ، وفي التي تليها باثني عشر ، وفي الوسطى بعشرة ، وفي التي تليها بتسعة ، وفي الخنصر بست . والأشهَر أنها سواء ( عشر عشر ) لكل واحدة . وفي كل أنملة ثلث دية الأصبع إلا الإبهام ففيها الثلثان ، في كل أنملة نصف دية [ الأصبع ] . وروي عن مالك أنه قال : في الإبهام ثلاثة أنامل : الثالثة مع الكف ، ففي كل واحدة ثلث دية الأصبع كسائر الأصابع . وروي عنه أنه قال : الإبهام مفصلان : في كل مفصل نصف دية أصبع ، وفي الثالثة التي تلي الكف حكومة ، بمنزلة باقي الكف إذا قطعت بعد الأصابع . وعن عمر أنه جعل في اليد الشلاء والرجل الشلاء ثلث ديتها . وقال ابن شهاب : فيها نصف ديتها ، ومثله الأصبع الأشل ، وقال الشافعي : فيها حكومة . وفي الذّكَر الديةُ كاملة عند جميع العلماء ، وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفرق قتادة : فجعل في الذي لا يأتي النساء ثلث الدية ، وفي الذي يأتي الدية . وفي الحشفة : الدية كاملة عند مالك إذا قطعت خطأ ، وهو قول الشافعي وغيره . وفي الذّكَر الديةُ كاملة عند جميع العلماء ، وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفرق قتادة : فجعل في الذي لا يأتي النساء ثلث الدية ، وفي الذي يأتي الدية . وفي الحشفة : الدية كاملة عند مالك إذا قطعت خطأ ، وهو قول الشافعي وغيره . فإن قطع القضيب بعد الحشفة ففيه اجتهاد عند مالك ، وينتظر به حتى ينظر ما يحدث عليه من قطعه . فإن قطع من طرف الحشفة ، قيس مقداره فيما بقي وكان بحساب ذلك ، ولا يقاس ما بقي القضيب ، لأن في الحشفة الدية كاملة . وفي الأنثيين - في الخطأ - الدية كاملة ، وفي العمد القصاص . وفي بيضة واحدة نصف الدية . وقال سعيد بن المسيب : في اليسرى ثلثا الدية ، لأن الولد منها ، وفي اليمنى الثلث . وإن قُطع ذكر رجل وأنثياه ، ففي ذلك ديتان ، وكذلك إن قطعا في وقتين ، ففي كل واحد الدية . وفي ذكر الخَصِيّ حكومة عند مالك ، وفيه الدية " كاملة " عند الشافعي . وقال قتادة : فيه ثلث الدية . وفي كسر العظام إذا [ كسرت ] القصاص عند مالك : الساق بالساق ، ولا قصاص فيما فوقه ، ولا في كسر ظهر ولا فخذ . ويجتهد الإمام في اللطمة عند مالك . و " قد " قيل : / فيها القصاص . وفي الموضحة - وهي الضربة التي توضح العظم - خمس من الإبل . وهي تكون في الرأس والوجه قال مالك : إنْ كانت التي في الوجه تَشِينهُ ، زِيدَ على الجاني بقَدْر شَيْنِها . وليس موضحة البدن مثل موضحة الرأس والوجه . ولا يعجل بأخذ الدية من صاحب الموضحة حتى ينظر ( إلى ) ما يصير إليه أمرُها ، فإن مات منها كان في ذلك قسامة . وقال مالك : يقاد من العمد ، ولا يعقل جراحات الخطأ إلا بعد البرء ، وإن اقتص من الجارح عمداً فبرأ ، فإن كان جرحُه مثلَ جُرح المَجروح أوّلاً أو أكثر فلا شيء ( عليه ) للأول ، وإن كان في الأول عثل وبرأ المقتص منه على غير عَثَلٍ ، أو على عثل دون عثل الأول ، اجتهد الإمام في الحكومة على قدر ما زاد شَيْنُ المجروح الأول . والموضحة في الوجه - عند مالك - من اللَّحْيِ الأعلى فما فوقه خاصة . و [ لا ] تكون الموضحة في الأنف عند مالك . وفي الموضحة - في سائر البدن - حكومة عند مالك والشافعي . وروي عن أبي بكر وعمر أن فيها نصف عشر دية ذلك العضو الذي وقعت فيه ، وسند ذلك إليهما ضعيف . وفي الهاشمة القودُ عند مالك إلا أن يخاف منها فلا يقتص منها ، وفيها عشر من الإبل . وفي المُنَقّلة خمسَ عشرة من الإبل عند مالك وجماعة العلماء ، ولا قود فيها عند مالك والشافعي وغيرهما . والمُنَقِّلَة : ( التي ينقل منها ) العظام . وفي المأمومة - وهي التي تصل إلى أم الدماغ - ثلث الدية ، وهو قول مالك وجماعة العلماء ، ولا قود فيها عند مالك وأكثر العلماء . والشجاج - التي دون الموضحة - ست : أولها : الدامية : وهي التي تَدْمَى ولا يسيل دمها . ثم الدامعة : وهي التي يسيل دمها . ثم الخارصة : وهي التي تَحرِص الجلد ( أي ) تشقه قليلاً ، ومنه قيل : حَرَصَ الثوبَ القَصَّارُ : إذا شَقّهُ . ثم الباضعة : وهي التي تشق الجلد وبعض اللحم . ثم المتلاحمة : وهي التي أخذت في اللحم أكثر من الباضعة . ثم السمحاق : وهي التي لم يبق بينها وبين العظم إلا قشرة " رقيقة " وكل قشرة رقيقة فهي سمحاقة ، ويسميها أهل المدينة : المِلْطاة ، وفي جميع ذلك - عند مالك والشافعي وغيرهما - حكومة . وقد حد غيرهم في كل نوع حدا : قضى زيد بن ثابت ( ببعير في الدامية ) ، وفي الدامعة بنصف بعير ، وفي الباضعة ببعيرين ، وفي المتلاحمة بثلاثة أبعرة ، وفي السمحاق بأربعة أبعرة . وروي عن علي في السمحاق مثل ذلك ، وروي أن فيها نصف دية الموضحة ، وروى مالك أن عمر وعثمان قضيا في [ الملطاء ] . وفي السمحاق بنصف الموضحة ، وكان يرى فيها حكومة كسائرها . ورأى مالك : القصاص فيما دون الموضحة ، مما ذكرنا إذا كان عمداً . وفي الْجَائِفَة ثلث الدية ، قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه قال مالك وغيره . ولا فرق بين العمد والخطأ في الجائفة . وفي الجائفة [ النافذة ] ثلثا الدية . وفي ثدي المرأة نصف الدية ، وفيهما جميعاً الدية كاملة ، هذا مذهب الجميع . وفي الحُلْمة - إذا انقطع لبَنُها - نصف الدية عند مالك . وفي ثدي الرجل حكومة عند مالك . وعن زيد بن ثابت أن فيها ثمن الدية . وقال الزهري : خمس من الإبل . وقوله : { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ } أي : من تصدق بجرحه ، هدم عنه ذنوبه مثل ما تصدق به ، [ قاله ] جابر بن زيد . وروى الشعبي عن / رجل من الأنصار قال : سئل النبي عليه السلام عن قوله تعالى { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } قال : هو الرجل تُكسَرُ سِنُّه ، أو يُجْرح في جَسَدِه فَيَعْفو عنه فَيُحَط من خَطاياه بقَدْر ما عفا : إن كان نصف الدّية فنصفُ خَطاياهُ ، وإن كان ثُلثُ الدية فَثُلُث خَطاياهُ ، وإن كان رُبُع الدية فَرُبُع خطاياه ، وإن كانت الدية كلها فخطاياه كلها . وقال قتادة : " { فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } يقول : لولي القتيل الذي عفا " . فالهاء المجروح ، أو لولي القتيل . وقيل : الهاء للجارح ، والمعنى : إن تَصَدَّق المجروح على الجارح بإِرْش جُرحِه ، فالصدقة كفارة للجارح ، ليس يبقى عليه ذنب من الجرح . قال زيد بن أسلم : " إِنْ عَفا عنه ، أو اقتص منه ، أو قَبل منه الدية فهو كفارة له " ، أي : للفاعل ، وفي هذا القول بُعْدٌ ، لأنه لم يَجْرِ ذكر للجارح ، وإنما جرى ذِكرُ المجروحِ في ( " مَنْ " ) ، فالهاء تعود عليه أَوْلى ، وهو اختيار الطبري ، قال : ولأَنّ المعهود أن التكفير إنّما يكون للمتصدِّق دون المتصدَّق عليه . وقيل : الهاء في ( بِهِ ) لإرش الجرح ، وفي ( لَهُ ) للجارح ، أي : مَن تصدق بما وجب له من الإرش والدية { فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } ، أي : فذلك الفعلُ كفارةٌ للجارح والقاتل في حُكم الدنيا ، و ( مَن ) اسم للمجروح ( أو لولي ) المقتول . وقيل : ( " مَن " ) اسم للقاتل والجارح ، والهاء في ( به ) تعود على القتل أو الجرح ، والهاء في ( له ) تعود على القاتل أي : من تصدق بِبيان أنه هو القاتل وهو الجارح ، فذلك الإقرار كفارة للمُقِرّ ، لأنه قد أباح نفسه بإقراره لأخذ الحدّ منه ، ورفع التُّهم عن الناس : قال مجاهد : إذا أصاب الرجلُ الرجلَ بأمر ، ولم يعرف الفاعل ، فاعترف الفاعل ، وأقرّ ، فهو كفارة له ، وقد روي أن عروة بن الزبير أصاب عين رجل خطأً عند الركن فقال : أنا عروةُ ، فإن كان بعينك [ بأس فأنا ] بها .