Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-79)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية . ( ذلك ) في موضع رفع ، على معنى : ذلك اللعن بما عَصَوا ، أو على معنى : الأمرُ ذلك بما عصوا ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى : فعلنا ذلك بما عصوا . والمعنى : أن الذين لعنوا على لسان داود ( هم ) أهل السبت ، والذين لعنوا على لسان عيسى ( ابن مريم ) هم أصحاب المائدة ، قاله ابن عباس . وقيل : الذين لعنوا على لسان داود مسخوا قردة ، والذين لعنوا على لسان عيسى مسخوا خنازير . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أول ما وقع النقص في بني إسرائيل : أن أحدهم كان يرى أخاه على المعصيةِ فينهاهُ ، ثم لا يمنعه ذلك من الغد أن يكون أكيله وشريبه " . قال ابن عباس : لعنوا بكل لسان : لعنوا على عهد موسى في التوراة ، ولعنوا على عهد داود في الزبور ، ولعنوا على عهد عيسى في الإنجيل ، ولعنوا على عهد محمد في القرآن . وقال مجاهد : لعنوا على لسان داود فصاروا قردة ، وعلى لسان عيسى فصاروا خنازير . والمراد بذلك - والله أعلم - أنه ( تعالى ) حذرهم أن يقولوا في عيسى ما قالوا فلعنوا كما لعن هؤلاء . ورُوي أن داود عليه السلام دعا عليهم على عهده : وذلك أنه مرَّ على نفر وهم في بيت ، فقال : من في البيت ؟ [ فقالوا ] : خنازير ، فقال : ( اللهم اجعلهم خنازير ) ، فأصابتهم لعنته ، ودعا عليهم عيسى فقال : " اللهم الْعَنْ مَنْ افْتَرَى عَلَيَّ وَعَلَى أُمِّي ، فَاجْعَلْهُمْ " قردة خاسئين . ذلك بعصيانهم واعتدائهم . ثم أخبر تعالى أنهم { كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } . أي : لا ينهى بعضهم بعضاً ، والمنكر : المعاصي . { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } في الكلام معنى القسم . والمعنى : أقسم لبئس الفعل فعلهم في تركهم النهي عن المعاصي . وروي أن النبي عليه السلام قال : " إن أولَ ما كان من نقض بني إسرائيل ومعصيتهم : أنهم كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، شبه تعْذير ، فكان أحدهم إذَا لقي صاحبه الذي كان يعيب عليه آكله وشاربه وخالطه ، كأنه لم يعب عليه شيئاً ، فلعنهم الله على لسان داود وعيسى بن مريم " . وروي عنه عليه السلام أنه قال : " لا يزال العذاب مكفوفاً عن العباد ما استتروا بمعاصي الله ، فإذا أعلنوها ، فلم تنكر ، استحلوا عقاب الله " . وقال عليه السلام : " إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها ، وإذا أظهرت فلم تُغَيَّر ضرتِ العامة " . وقال صلى الله عليه وسلم : " ( لا تعذب ) الخاصة بعمل العامة حتى تكون الخاصة تستطيع أن تغير على العامة ، فإذا استطاعت ذلك - فلم تفعل - عذبت ( الخاصة والعامة ) " .