Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 51-62)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } إلى آخر السورة الآيات . أي : ولم يبق الله ثموداً ولكن أهلكهم بكفرهم . ثم قال : { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } أي : ولم يبقَ الله قوم نوح من قبل عاد وثمود بل أهلكهم بكفرهم بربهم وظلمهم لأنفسهم . قال قتادة : ( لم يكن ) قبيل من الناس هم أظلم وأطغى من قوم دعاهم نبي الله تعالى نوح إلى الإيمان ألف سنة إلا خمسين عاماً كلما هلك قرن نشأ قرن ، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يأخذ بيد ابنه ويأت به إلى نوح صلى الله عليه وسلم فيقول : يا بني لا تقبل من هذا فإنَّ أُبي مشى بي إلى هذا وأنا مثلك يومئذ وأوصاني بما أوصيتك [ به ] تتابعاً / على الضلالة وتكذيباً لأمر الله . ثم قال : { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } أي : والمقلوب أعلاها أهوى / ، وهي سدوم قرية قوم لوط أمر الله جبريل فرفعها من الأرض السابعة بجناحه ثم أهواها مقلوبة . يقال : هوى إذا سقط ، وأهواه غيره أسقطه . قال مجاهد : رفعها جبريل صلى الله عليه وسلم إلى السماء ثم أهواها . قال ابن زيد أهواها جبريل عليه السلام [ ثم أتبعها تلك الصخر ] . ثم قال : { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } أي : جلاها الله عز وجل بعد أن انقلبت بالحجارة المنضودة المسومة فأمطرها عليهم حجارة من سجيل . قال قتادة : غشاها بصخر منضود ، وفي قوله { مَا غَشَّىٰ } معنى التعظيم . ثم قال : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } أي : فبأي نعم ربك يا ابن آدم أنعمها عليك تشك وترتاب وتجادل وهذا لمن شك وكذب . ومن نصب المؤتفكة بأهوى ( أجاز أن يبدأ بها ) ومن نصبها على العطف على قوم نوح وثمود لم يبتدئ بها . ثم قال : { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } أي : محمد نذير لقومه كما أنذرت الرسل من قبله قاله قتادة . وقيل المعنى : محمد نذير من النذر الأولى في أم الكتاب . وقال أبو مالك معناه : هذا الذي خوفتم به من القرآن في هذه السورة نذير لكم من النذر الأولى التي كانت في صحف إبراهيم وموسى ، وهو اختيار الطبري . ثم قال : { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } أي : دَنَت وقَرُبَت القيامة ، يقال : أَزِفَ الأمر إذا دَنَا وقَرُبَ ، وسميت القيامة بالأزفة لقربها . ثم قال : { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } أي : ليس تنكشف القيامة فتقوم إلا بإقامة الله إياها وكشفه لها من دون سواه من خلقه ؛ لأنه لم يطلع عليها ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً . وقيل : كاشفة . كما قيل : { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } [ الحاقة : 8 ] أي : من بقاء . والمعنى : ليس لها من دون الله كاشف لها . وقيل " الهاء " للمبالغة ، وكاشفة بمعنى كشف وتكون على القول الأولى بمعنى أنكشف . ثم قال : { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } هذا خطاب لمشركي قريش ؛ أي : أفمن هذا القرآن تعجبون مما نزل على محمد وتضحكون استهزاء به ، ولا تبكون لما فيه من الوعيد لمن كفر به . { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } أي : لاهون عما فيه من العبر والتذكر ، معرضون عن آياته ، والإيمان به يقال : سمد يسمد : إذا لها . وروى شعبة عن المغيرة عن إبراهيم { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } قال : القيام [ قبل الإمام ] إلى الصلاة . وحكي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنه دخل الصلاة فرأى الناس قياماً فقال ما لهم ، أو قال ما شأنهم سامدين . وقال ابن عباس : [ سامدون ] هو الغناء ، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا وهي لغة أهل اليمن من خيبر يقولون : أسمد لنا ( أي : تغنى لنا ) . وقيل : سامدون : شامخون . قال الضحاك كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم شامخين ، والشامخ المتكبر . وعن ابن عباس : سامدون : لاهون . وقال قتادة : سامدون : غافلون . وقال مجاهد : سامدون : معرضون ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الآية لم ير ضاحكاً ولا متبسماً [ حتى مات ] . ثم قال : { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ } أي : اسجدوا لله في صلاتكم أيها الناس دون من سواه من الآلهة واعبدوه دون غيره . ( قال ابن عباس : سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس ) . ( وقال ابن مسعود : أول سورة نزلت فيها السجدة ، والنجم ، قال : فسجد النبي وسجد من خلفه إلا رجلاً رأيته أخذ تراباً فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أمية بن خلف ) .