Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 22-31)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } إلى قوله { كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } الآيات . { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } . أي : ولقد بينا وسهلنا القرآن لمن أراد أن يذكر ويتعظ ، فهل من طالب علم فيعان عليه . ثم قال { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } [ أي ] كذب قوم صالح بنذر الله ( التي أتتهم ) من عنده ، فقالوا مكذبين لرسولهم صالح { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } أي : نحن الجماعة الكثيرة كيف نتبع بشراً واحداً . { إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } أي : إن أتبعناه لفي ذهاب عن الصواب وسعر : أي : وعناد ، قاله قتادة . وقيل : وسعر : وجنون . ثم قال { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } هذا إخبار من الله جل ذكره عما قاله قوم صالح ، أي : قالوا أأنزل الوحي عليه من بيننا على طريق الإنكار . { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } أي : كذاب لا يبالي ما قال . وأصل الأشر : المرح والبطر ، قال الله عز وجل { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } . أهم أم هو ، بل هم الكذابون الأشرون ، وهذا تهدد ووعيد من الله لهم ولمن فعل فعلهم . وقرأ أبو قلابة { ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } بالتشديد وفتح الشين ولا يجوز مثل هذا في الأولى لأنه لا يقال منه أفعل ، وإنما جاز في الثاني لأنه من قولهم : زيد الأشر ( ومَنْذِزٌ لِشَر ) كما يقال : ( الأْخَيرُ وَاُلَخُورَى ) . وقرأ ابن جبير ومجاهد : " من الكذاب الأشر " بضم الشين والتخفيف ، وهي لغة في الأشر . كما يقال رجل " خَوِرُ وَخَورً " . ثم قال تعالى { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } أي : باعثوا الناقة التي سألها ثمود صالحاً آية لهم وحجة ( من الله ) لصالح ابتلاء لهم واختباراً هل يؤمنون به أو يكذبونه . ثم قال { فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } . هذا أمر من الله لصالح ، أي : فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون بالناقة ، واصبر على ارتقابهم ولا تعجل . وكان ابتلاؤهم في ذلك أن الناقة خرجت لهم من صخرة صماء فآمن بعضهم ، وكانت عظيمة كثيرة الأكل / . فشكوا ذلك إلى صالح وقالوا قد أفنت الحشائش والأعشاب ومنعتنا من الماء ، فقال ذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء ، ترد الماء يوماً وتردون يوماً ، فكانت هذه الفتنة ، وهو قوله : { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي : وخبر ( قومك يا صالح ) أن الماء يوم لهم يشربون ويتزودون ، ويوم للناقة ترد فيه . وقيل المعنى أن الماء يوم غِبّ الناقة قسمة بينهم يشربون ويتزودون . ثم قال : { كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } أي : كل حظ من الماء يحضره من هو له . وقيل المعنى : كل من له الماء يوماً يحضره ، وتحضره الناقة يوماً . وقال مجاهد : يحضرون يومهم ، ويحضرون اللبن يوم الناقة . ثم قال : { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [ أيٍ ] فنادت ثمود صاحبهم قَدَاراً عاقر الناقة لعقرها فحضوه على ذلك فتناول الناقة فعقرها . قال ابن عباس تناولها بيده ، ويقال إنه كان ولد زينة ، وهو من التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وهم الذين قالوا ، لصالح { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } [ النمل : 49 ] . فمعنى فتعاطى : أي : فتناول الفعل ففعل فقتلها ، وهو من قولهم : عطوت : إذا تناولت . كما قال أمرؤ القيس : @ ( وَتَعْطوُ بَرخص غير شَتْنٍ كأنه أَسَارِيعُ ظَبْيٍ أو مَسَاوِيكُ إِسْحَل ) . @@ وفي الحديث : أن عاقر الناقة كان عزيزاً ( منيعا كأنه رفعة ) / ثم قال { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } هذا الخطاب لقريش [ أي ] فكيف كان عذابي إياهم وإنذاري لهم . وقيل معناه : وإنذاري لكم أَنّا أرسلنا عليهم صيحة واحدة ، وقد تقدم خبر عذابهم كيف كان . وقوله { فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } أي : فكان قوم صالح لما أخذتهم الصيحة صاروا رفاتاً كهيئة الشجر المحتظر بعد ( نعمته وغضارته ) . وقيل معناه : فصاروا كالعظام المحترقة ، قاله ابن عباس . وقيل صاروا كالتراب المتناثر من الحائط في يوم ريح : قاله ابن جبير . وقال ابن زيد صاروا كهشيم حظيرة الراعي التي تتخذ الغنم فتيبس فتصير هشيماً . وقال مجاهد : صاروا كهشيم الخيمة وهو ما تكسر من ( خشبها ) . وقال سفيان ( هو ما يتناثر من الحصير إذا ضربتها بالعصا . وحقيقة الهشيم أنه فعيل بمعنى مفعول أي : مهشوم وهو ما يبس وتحات من ورق الشجر ، والمحتظر بكسر الظاء : الذي يحتظر على الهشيم ، أي : يحوزه ليجمعه ويحظر عليه ليمنع من أخذه ، فهو محتظر بكسر الظاء ، والهشيم محتظر بفتح الظاء وصف له .