Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 14-17)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } إلى قوله { وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } الآيات . ( يعني آدم صلى الله عليه وسلم ) من طين يابس لم يطبخ فله صلصة من يُبْس إذا حُرِكَ ونَقْرٍ كالفخار ، فهو من يُبْسِه ، وإن لم يكن مطبوخاً كالذي طُبخ بالنار ، فهو يُصَلصل كما يصلصل الفخار الذي قد طبخ من الطين . قال ابن عباس خلق الله جل ذكره آدم صلى الله عليه وسلم من طين لازب . واللازب : اللزج الطيب من بعد حماء مسنون ، وإنما كان حماً مسنونا بعد التراب فخلق منه آدم بيده ، قال فمكث أربعين ليلة جسداً ملقى ، وكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل ، ويصوت . وقال عكرمة من صلصال / : كالفخار : هو من طين خلط برمل فصار كالفخار . وقال قتادة : الصلصال : التراب اليابس الذي تسمع له صلصلة كالفخار . وعن ابن عباس هو ما عسر فخرج من بين الأصابع . واصل صلصال : صلال ، من صلى اللحم إذا نتن وتغيرت رائحته ، كصَرْصَر وكَبَكَب من صرّ وكَبّ ، فأبدل في جميع ذلك من الحرف المكرر الثاني حرفاً من جنس الأول . ثم قال { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } المارج ما اختلط بعضه ببعض من بين أصفر وأخضر وأحمر من قولهم : مرَج أمر القوم : إذا اختلط . وقال ابن عباس من أوسط النار وأحسنها ، وعنه خلقه من لهب النار من أحسن النار . وعنه من خالص النار ، وعنه من لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت . وقال مجاهد : المارج اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت . / وذكر عنه ابن وهب أن المارج الحمرة التي تكون في طرف النار . ويروى أن الله جل ذكره خلق ناريين فمزج إحداهما بالأخرى ، فأكلت إحداهما الأخرى وهي نار السموم ، فخلق إبليس اللعين منها ، وكل هذا من أول السورة ، نعم أنعم الله بها على خلقه ذكرها وعددها فلذلك قال بعد ذلك . { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } أي : فبأي نعم ربك تكذب الأنس والجن . فالضمير في { تُكَذِّبَانِ } في جميع السورة يعود على الأنس والجن الذين مضى ذكرهما في قوله { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ } لكنه تقدم فيه ضميرهما قبل ذكرهما في الأول خاصة لأن المعنى مفهوم . ثم قال { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } وقد تقدم شرحه . ثم قال { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } يريد مشرق الشمس في الشتاء ومشرقها في الصيف وكذلك مغربها ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قد تقدم ، وليس ذلك كله بتكرير ، لأنه تعالى يذكر لهما غير النعم المتقدمة . ثم ينبه عليها قوله { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } إلى قوله { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } الآيات . أي : أرسلَهُما وخلاّهما . يقال مرج فلان دابته : إذا خلاها وتركها ، وهما بحران أحدهما في السماء والآخر في الأرض ، قاله ابن عباس ، وقال يلتقيان في كل عام . وقال الحسن : هما بحرا فارس والروم ، وقاله قتادة .