Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 109-109)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ } الآية . المعنى : أن الله جل ذكره لمّا نزّل في " الشعراء " { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] ، أقسم كفار قريش : { لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } ، فقال المؤمنون : يا رسول الله ، سل ربَّك أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا ، فأنزل الله { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، وهو خطاب للمؤمنين السائلين النبي في ذلك . وقيل : معنى الآية : أن الكفّار سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية ، وحلفوا ليؤمنن إِنْ أتت ، فقال المؤمنون : يا رسول الله ، سل ربك أن ينزلها ( عليهم ) حتى يؤمنوا ، ( فأنزل الله ) : وما يشعركم أيُّها المؤمنون بذلك ؟ ، أي : بصحة قولهم ( ثم قال ) مستأنفاً مخبراً عنهم - بما يفعلون لو نزلت - : إنها إذا جاءت لا يؤمنون . وهذا معنى الكسر ، وهو الاختيار عند أكثر النحويين . وهذه الآية هي التي توعّدوا بها / في الشعراء في قوله : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] ، فقال الله لنبيه : { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ } وهو القادر على إنزالها . والذي سألوه هم أنهم قالوا : تجعل لنا الصفا ذهباً . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فجاءه جبريل فقال : إن شئت أصبح ذهباً ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك لَيُعذِبَنّهم الله ، وَ ( إِنْ ) شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بل يَتوبُ تائِبُهم " ، فأنزل الله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } الآية . ومن قرأ بالتاء ، فإنما هو خطاب للمشركين الذي سألوا الآية ، ويحتمل وجهين : - أحدهما : أن تكسر ( إِنّ ) على معنى : وما يشعركم ذلك ، ثم استأنف بالإخبار عما سبق في علمه ، وعِلم ما لو كان كيف كان يكون ، فقال : إنها إذا جاءت لا تؤمنون أيها المشركون . - ويحتمل أن تفتح ( أنَّ ) ، ويكون المعنى : وما يُشعركم - أيُّها المشركون - أنها إذا جاءت تؤمنون ؟ ، وتكون ( لا ) زائدة . ومن قرأ بالياء فهو خطاب للمؤمنين الذين سألوا النبي أن يسأل آية ليؤمن المشركون عند نزولها على ما سألوا ، وأقسموا إنهم يؤمنون إذا نزلت ، ويحتمل معنيين : أحدهما : فتح ( أنَّ ) ويكون المعنى : وما يشعركم - أيُّها المؤمنون - أنَّها إذا جاءت يؤمنون ؟ ، أي : ( ما ) يدريكم أنَّهم يؤمنون إذا نزلت الآية . وتكون ( لا ) زائدة . - والوجه الآخر : أن تكون ( إنِّ ) مكسورة ، ويكون المعنى : وما يشعركم - أيها المؤمنون - ذلك . ثم استأنف فقال : { أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُون } ، يخبر بما يكون لو فعل بهم ذلك . ويجوز في القراءتين جميعاً - الياء والتاء - أن تكون ( أنَّها ) - إذا فتحت - بمعنى " لعلها " ، وتكون ( لا ) غير زائدة . والياء اختيار الطبري مع فتح ( أنَّ ) بمعنى " لعلها " . ولو فتحت ( أنَّها ) ولم تقدر زيادة ( لا ) ولا كون ( أنَّها ) بمعنى " لعلها " ، لكان ذلك عذراً لهم . ولا يتم فتح ( أنَّها ) إلا بأحد وجهين : - إمَّا أَنْ تقدرها بمعنى " لعلها " - أو تقدر زيادة ( لا ) . فاعلم ذلك . وقد حكى الخليل عن العرب : " ائت السوق أنَّكَ تشتري لنا " ، أي : لعلك . وسمع الكسائي رجلاً يقول : " ما أدري أنه صاحبها " ، أي : لعله . وسمع الفراء أبا الهيثم العُقيلي يقول : " أنَّها ( تركته لفاقة حاله ) " ، يريد " لعلها تركته " . وفي قراءة أُبيّ { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، وفي حرف عبد الله : ( وَمَا يُشْعِرُكُمْ إِذَا ( جَاءَتْ ) لاَ يُؤْمِنُونَ ) . ومن قدر زيادة ( لآ ) هنا ، أوقع { يُشْعِرُكُمْ } على { أَنْ } ففتحها ، ويجعل ( لا ) صلة كهي في قوله : { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [ الأنبياء : 95 ] ، المعنى : حرام عليهم أن يرجعوا ، ومثله : { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [ الأعراف : 12 ] . قال الفراء : العرب تجعل " لا " صلة في كل كلام دخل في آخره ( أو في أوله ) جحد ، أو في أوله جحد غير مصرح . وقيل : في الآية قول حسن ، وهو أن يكون المعنى : وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون . ثم حذف الأخير لدلالة الأول عليه ، فيِعمل ( يُشْعِرُكُم ) في ( أَنَّها ) ، ويفتح ( أَنَّ ) ، ولا يقدر زيادة / ( لا ) ، ولا يقدر ( أنَّها ) بمعنى " لعلها " ، ولا تكون عذرا لهم . ( والوقف على ( يُشْعرِكُم ) في قراءة من كسر ( إنّ ) ، وفي قراءة من فتح على تقدير " لعلها " حسن ، ولا يحسن الوقف على ( يُشعِركم ) على غير هذين الوجهين ) .