Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } الآية . من قرأ برفع ( نكذبُ ) و ( نكونُ ) فعلى القطع ، ( أي : يا ليتنا ) نرد ، ثم ابتدأ على معنى : ونحن لا نكذب . هذا قول سيبويه ، والمعنى عنده : ونحن لا نكذب رُددنا أو لم نُردّ ، فإنما سألوا الرد وقد أوجبوا على أنفسهم أنهم لا يعودون للتكذيب ألبتة ، رُدوا أو لم يُردوّا ، ومثله عند سيبويه : " دعني ولا أعود " : أي : وأنا لا أعود . تركتني أو لم تتركني . ومن نصب فإنما أراد أن يكون " رد " يتبعه ترك عودة ، كأنه في المعنى : إن رُددنا لم نعد للتكذيب . ومثله : " زرني وأزورَك " ، ( أي ، لتكن منك ) زيارة وأن أزورَك ، ولو رفعت لكان المعنى : وأنا أزورُك ، زُرتَني أو لم تَزرْني . ووجه آخر في الرفع ، وهو أن يكون معطوفاً على ( نُرد ) ، كأنهم تمنوا أن يردوا ، وتمنوا ( ألا ) يكذبوا / وأن يكونوا من المؤمنين . والأول أحسن ، لأنهم لم يتمنوا هذا ، إنما تمنوا الرد وادعوا أنهم إذا رُدوا لم يكذبوا وكانوا من المؤمنين . ( والنصب ) على جواب التمني ، كأنه : يا ليتنا وقع لنا الردّ و ( ألا ) نكذب ، فالواو في جواب التمني كالفاء ، وقيل : المعنى في الرفع : لا نكذب واللهِ ونكون - والله - من المؤمنين ، وهو أيضاً منقطع . وأنكر جماعة النصب ، وقالوا : هو خبر أخبروا به عن أنفسهم ، ألا ترى أن الله كذبهم فيما أخبروا به ، والكذب لا يقع إلا في جواب الخبر . وأنكر بعض النحويين أن يكون الجواب للتمني بالواو ، وقالوا : إنما يكون بالفاء . وأجاز أبو إسحاق أن يكون التمني داخلاً في الخبر ، قال : لأن الرجل الفاسق ( يقول ) : " ليتني في الجنة " ، فيقال له : كذبت ، لو أردت ذلك لاتقيت الله . وقد قيل : إنه منصوب على الظرف ، وإن معنى الكلام : أنهم تمنوا أن يوقفوا ( ( وهم ) غير مكذبين ، لأنهم وقفوا مكذبين ، فتمنوا أن يوقفوا ) على غير تلك الحال . ( والآية ) عند أبي عمرو على التمني ، ولا يجوز فيه صدق ( ولا ) كذب ، وإنما كذب الله خبرهم ، لا تمنيهم ، وخبرهم هو قولهم : ( ولا نكذب ) ، ( ونكونُ ) ، ( إن رددنا ) فعلنا ذلك ، فهذا خبر ، فأكذبهم الله في ذلك الخبر الذي أخبروا به عن أنفسهم ، لا في تمنيهم . أو يكون المعنى - على الرفع - ( ولا نكذبُ ) ، ( ونكونُ ) : أي : نفعل ذلك ، رُددنا أو لم نُردّ ، فهذا خبر منهم ، فأكذبهم الله في ذلك ، التكذيبُ إنما هو للخبر الذي أخبروا به عن أنفسهم ، لا للتمني . وقال بعض النحويين : إنما يكون هذان الفعلان - في حال النصب - غير متمنَّيْن إذا كانا جواباً لِما في ( ليتنا ) ، وتكون الواو الأولى بمعنى الفاء . فأما إن كانت الواو على جهتها ، ونصبت على الظرف منويا به الحال ، فالفعلان متمنَّيان ، والتكذيب للتمني وقع . ومن قرأ ( ولا نكذّبُ ) بالرفع ، ونصب ( ونكونَ ) ، فالمعنى : أنهم تمنوا الرد وأن يكونوا من المؤمنين ، وأخبرَوا أنهم لا يكذِّبون بآيات ربهم إنْ رُدُّوا إلى الدنيا . قوله { وَلَوْ تَرَىٰ } فعل منتظر ، وقوله و { إِذْ وُقِفُواْ } : فعلان ماضيان ، وكذلك { فَقَالُواْ } ، وكلها منتظرة لم تقع . وهو حسنٌ لطيف فصيح ، غاية في البلاغة ، لأن كل ما هو كائن - ولم يكن بعد - فهو عند الله بمنزلة ما قد كان ، لصحة وقوعه على ما أخبر به عنه ، ولِنفوذِ حكم الله به ، وتقديره لوقوعه على ما أخبر به ، فالكائن وغير الكائن سواء في علم الله . وقوله { وُقِفُواْ } بمعنى : حُبسوا ، و { عَلَى ٱلنَّارِ } بمعنى " في النار " ، بمنزلة قوله : { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } [ البقرة : 102 ] أي : في ملكه . وقيل : معنى { وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } : أُدخلوها ، كما تقول : " قد وَقفتُ على ما عندك " ، أي : عَرفتُ حقيقته . وقيل : أوها . وقيل : رأوها . وقيل : جازوا عليها . و { إِذْ } بمعنى " إذا " ، لأنه خبر لا بد أن يكون ، فصارِ بمنزلة ما قد كان . يقال : " وقفتُ وقفاً للمساكين " و " وقفتُ أنا " ، ( وقِفْ ) دابتك يا رجلُ . وحكي عن أبي عمرو أنه قال : ما علمت أحداً من العرب يقول : " أوقفتُ الشيء " بالألف ، إلا أني لو رأيت رجلاً في مكان فقلت له : " ما أَوْقَفَكَ ها هنا ؟ بالألف ، لرأيته حسناً . وفي الآية معنى التعظيمِ لِما هُم فيه .