Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

- قوله تعالى : { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ … } إلى قوله : { بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً … } . هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويراد به أمته [ ودل ] على ذلك قوله - بعد ذلك : { إِذَا طَلَّقْتُمُ } . وقيل : إن هذا من الانتقال من المخاطبة ، كما قال : { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ } [ يونس : 22 ] ثم قال : { وَجَرَيْنَ بِهِم } [ يونس : 22 ] . وقيل : التقدير : يا أيها النبي قل لهم : إذا طلقتم . وقيل : إنه كله مخاطبة للنبي ، لكن خوطب بلفظ الجمع على التعظيم والإجلال ، كما يقال للرجل الجليل : أنتم فعلتم . والمعنى : إذا طلقتم نساءكم المدخول بهن ، أي : إذا أردتم طلاقهن { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أي : لطهرهن [ الذي يحصينه من عدتهن ويعتددن به طاهرات من غير جماع كان منكم في ذلك الطهر ، ولا تطلقوهن لحيضهن ] الذي لا يعتددن به من أقرائهن . ( " فاللام " بمعنى ) " في " : أي : [ فطلقوهن ] في عدتهن . أي : في الطهر ( الذي ) [ يعتددن ] به ، وهو الطهر [ الذي ] لم تقرب فيه . [ وهذا هو مذهب ] مالك وغيره . وكون اللاَّمِ بمعنى " في " : [ مستعمل ] ، قال الله جل ذكره عن قول الكافر في الآخرة : { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ الفجر : 24 ] ، أي : في حياتي ، أي : يا ليتني قدمت عملاً ( صالحاً ) في حياتي في الدنيا . فطلاق السنة الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يطلق الرجل امرأته وهي طاهر من غير جماع كان منه في ذلك الطهر . دل على ذلك قوله : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أي : في عدتهن ، أي : في الطهر الذي يعتددن به ويجعلنه قُرْءاً إذا مضى . وسأل رجل ابن عباس فقال : إنه طلق امرأته مائة ، فقال له ابن عباس : عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ، ولم تتق الله فيجعل لك مخرجاً ، وقرأ : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } [ الطلاق : 2 ] ، وقرأ : ( يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن من قبل عدتهن ) هكذا روي أنه قرأ على التفسير . " وَرَوَى مالك أن ابن عمر " طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمرُ عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : مُرْهُ يُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ( ثُمَّ ) إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّ ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ الله أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " فهذا طلاق السنة ، يطلقها في طهر لم يمسها فيه طلقة ، ويدعها [ تمضي ] في عدتها ، فإن بدا له أن يرتجعها ( ارتجعها ) شاءت أم أبت قبل أن تمضي عدتها ، فإن لم يرتجعها حتى مضت عدتها حلَّت للأَزواج غيرِه وملكت نفسها ، وصار خاطباً من الخطاب . وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وعطاء وطاوس وابن المسيب وعمرو بن دينار وقتادة وربيعة ومالك وأهل المدينة ، وبه قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي ، ومُضِيُّ عدتها عند مالك وأصحابه : أن ترى الدم من الحيضة الثالثة ، لأن الأَقراء عنده الأطهار ، وعند غيره : الحِيَضُ . وأصل [ القرء ] في اللغة : الوقت . فهو يصلح للطهر والحيض وقد مضى الكلام على الأقراء في سورة البقرة [ بأشبع ] من هذا . وقال أبو حنيفة : طلاق السنة أن يطلق في كل طهر طلقة . قال مجاهد والحسن وابن سيرين : { لِعِدَّتِهِنَّ } : ( أي ) : لطهرهن ، أي : إذا طهرت من حيض ولم تجامع - وهو [ قول ] السدي - ومن طلق ثلاثاً لزمه ، وبئس ما صنع لمخالفته السنة . ( روي ) أن علياً - رضي الله عنه - كان يعاقب من طلق البتة ، وكان يقول : ما طلق رجل طلاق السنة فندم . وروى أنس أن [ عمر ] كان يؤدب من طلق ثلاثاً وينهى عنه . وروي أن هذا الحكم نزل في سبب طلاق النبي حفصة بنت عمر ، طلقها تطليقة ، فقيل له : راجعها ، فإنها صوامة قوامة ، وإنها من نسائك في الجنة . - وقوله : { وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ … } . أي : احفظوها لتعلموا متى تحل للأزواج وتملك نفسها ، ومتى يبقى لكم عليها حكم بالمراجعة . - ثم قال : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ … } . أي : خافوه أن تتعدوا حدوده ولا تُخرجوا من طلقتم من نسائكم لعدتهن من بيوتهن اللاتي كنتم أسكنتموهن فيما قبل الطلاق حتى تنقضي العدة . قال ابن عباس : هي المطلقة في الطهر طَلْقَةً لا تَخْرُج من بيتها ما دام لزوجها عليها الرجعة / وعليه النفقة ، وذلك ما كانت ( في ) العدة . وقال قتادة : لا يخرجها إذا طلقها واحدة أو اثنتين حتى تتم العدة ، فإن طلقها ثلاثاً لم يكن لها سكنى . هذا معنى قوله . والسكنى واجب عند مالك لكل مطلقة دخل بها طلقة ثلاثا أو واحدة . وقال الضحاك : إن خرجت هي فلا سكنى لها ولا نفقة . - ثم قال : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ … } . قال قتادة : هي الزنا ، إذا زنت في عدتها أخرجها لإقامة الحد عليها . وهو قول الحسن ومجاهد وابن زيد . قال ابن عباس : الفاحشة هنا : [ البَذَاءُ ] على أهله . وقال قتادة : [ الفاحشة ] هنا : النشوز ، وذلك أن يطلقها على النشوز ، فلها أن تتحول من بيت زوجها . وقال السدي : الفاحشة هنا : خروجها من بيتها في العدة . وقال ابن عمر : " خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة " . وعن ابن عباس أنه قال : الفاحشة هنا : كل معصية مثل الزنا والسرقة والبذاء على الأهل ، وهو اختيار الطبري . وللرجل أن يطلق الحامل متى شاء عند مالك تطليقة واحدة . [ وكذلك يطلق الآيسة من المحيض واللائي لم يحضن متى شاء تطليقة واحدة ، ولا يتبعها ] طلاقاً حتى تحل . - ثم قال : { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ [ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ ] فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } . ( أي ) : وتلك الأمور التي بينت لكم ( في الطلاق ) حدود الله [ لكم ] وفرائضه عليكم ، ومن يتعد حدود الله فيطلق في غير طهر ويخرج من طلق من بيتها قبل انقضاء العدة ويتجاوز [ ما أمره الله به ] فقد ظلم نفسه بما ألزمها من الذنوب والعقوبات في آخرته . - ثم قال : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ ( أَمْراً ) } . أي : لعلكم تندمون بعد طلاقكم فتراجعون ، فإذا تجاوزتم حدود الله في الطلاق فطلقتم ثلاثاً ثم ندمتم لم تكن لكم رجعة أبداً ، إنما تكونون خطاباً لها بعد زوج . وهذا قول جميع المفسرين .