Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 35-52)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

- قوله تعالى : { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } إلى آخر السورة . أي : فليس لهذا الكافر - يوم القيامة - قريب ولا صديق ينجيه من عذاب الله . وقيل : المعنى : ليس له في جهنم ماء حار ولا طعام ينتفع به ، قاله قطرب . وقيل : معناه : ليس له في جهنم طعام إلا من غسلين ، أي : من صديد أهل النار ، وذلك ما يسيل من صديدهم . وقال بعض أهل اللغة : كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين ، وهو " فعلين " من الغسل . قال ابن عباس : غسلين " صديد أهل النار " . وقال قتادة : غسلين " شر الطعام وأخبثه وأبشعه " . وقال ابن زيد : " الغسلين والزقوم لا يعلم أحد ما هو " . فأما ، قوله تعالى في موضع آخر : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [ الغاشية : 6 ] فقد قيل : إن الغسلين من الضريع كما تقول : ما لي طعام إلا الرطب ، ما لي طعام ( إلا ) النخل . - ثم قال { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } . أي : لا يأكل الطعام الذي من غسلين إلا الخاطئون ( أي ) : المذنبون [ الذين ] ذنوبهم كفر بالله . - ثم قال : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * [ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ ] } . أي : أقسم [ بذلك ] ، ( و " لا " زائدة . وقيل : " لا " رَدٌّ لكلامهم . وَالمعنى : مَا الأمر كما تقولون معشرَ أهل التكذيب بكتاب الله ورسوله ، ثم ابتدأ فقال : أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ، أي : أقسم بالأشياء كلها - أي بربها - إن القرآن { لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } . أي : كريم على ربه وهو محمد صلى الله عليه وسلم يقرأه ويتلوه عليكم . وقيل : هو جبريل عليه السلام . - ثم قال : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } . أي : وما القرآن بقول شاعر ، لأن محمداً لا يحسن قول الشعر فتقولون هو شاعر ، قليلا إيمانكم ، أي إيماناً قليلاً إيمانكم أو وقتاً قليلاً . وهذا كله خطاب من الله جل ذكره لمشركي قريش . - ثم قال : { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } . أي : وليس هذا القرآن بقول كاهن فيقولون هو من سجع الكهان ، قليلاً ما يَعتبرون و [ يَذكرون ] به . - ثم قال : { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . أي : هو تنزيل من رب العالمين تنزل به جبريل على محمد عليه السلام . وقيل : التقدير : لكنه تنزيل من رب العالمين . - ثم قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } . أي : لو قال محمد من عند نفسه بعض ما جاءكم به وتَخَرَّصَ علينا . { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } . قال ابن عباس : باليمين : بالقوة . ( وقيل باليمين ) : باليد اليمنى ، أي : كنا نذله [ ونهينه ] كما يقول الملك لمن يريد إِذْلاَلَهُ : " خذوا بيده " فاليد هنا في موضع الإهانة . قال إبراهيم بن عرفة : معناه : لأخذنا بيمينه ، أي لقبضناها ، فمعناه : التصرف . فالمعنى لأخذنا بيمينه ولقطعنا [ وتينه ] ، وهو نياط القلب ، لا حياة بعد انقطاعه . - ثم قال تعالى : { ( ثُمَّ ) لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } . قال ابن عباس : " الوتين : نياط القلب " ، وعنه : " عرق القلب " . وقال مجاهد : هو " حبل القلب الذي في الظهر " ، وهو قول قتادة . وقال الضحاك : هو " عرق يكون في القلب ، فإذا قطع مات الإنسان " . وقال ابن زيد : ( هو ) " نياط القلب الذي القلب متعلق به " ، وهو قول ابن جبير . والمعنى في الآية : لو كذب علينا ما لم نقل لأهلكناه ، فكان بمنزلة من قطع وتينه فلم يعش . - ثم قال تعالى : { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } . أي : فما منكم - أيها الناس - أحد عن محمد صلى الله عليه وسلم يحجزنا إذا أردنا هلاكه وعقوبته . وجمع " حَاجِزِينَ " على معنى " أحد " . - ثم قال : { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } . أي : وَإِنَّ هذا القرآن لتذكرة وعظة [ يتعظ ] بها المتقون ، وهم الذين اتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب محارمه . - ثم قال : { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } . أي ( مكذبين ) بهذا القرآن . - ثم قال : { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } . أي : وإن التكذيب لحسرة وندامة على الكافرين يوم القيامة . - ثم قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } . ( أي ) : وإن هذا القرآن لمحض اليقين [ و ] خالصه ، أنه من عند الله لم يتقوله ( محمد ) من عند نفسه وهذا من إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين ، وأصله عندهم : " الحق اليقين " على النعت ، ثم أضيف ( المنعوت ) إلى نعته ، والنعت هو المنعوت في المعنى ، فقد صار من إضافة الشيء إلى نفسه . - ثم قال تعالى : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } . أي : فسبح بذكر ربك - ( يا محمد ) - ، { ٱلْعَظِيمِ } ( أي ) الذي كل شيء في عظمته صغير .