Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 132-133)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ } ، إلى : { مُّجْرِمِينَ } . { مَهْمَا } عند الخليل : أصلها " ما " للشرط ، زيدت عليها " مَا " للتوكيد ، وأبدل من ألف " مَا " الأولى " هاء " . وقال غيره : الأصل : " مَهْ " بمعنى : اكفُفْ ، و " مَا " للشرط بعد ذلك . وحكى الكوفيون : " مهما " بمعنى : " مهما " . والمعنى : وقال ( آل ) فرعون لموسى : ما { تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } ، فنؤمن ( ربك ) ، وندع دين فرعون ، { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } . قال الله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ } . " فالطوفان " : الماء . قاله الضحاك ، / وأبو مالك . قال ابن عباس : هو الغرق . قال مجاهد : هو الموت . قال قتادة : سال عليهم [ الماء ] حتى قاموا [ فيه قياماً ] ، فسألوا موسى ، ( عليه السلام ) ، أن يسأل الله ( عز وجل ) ، ليكشف عنهم ففعل . قال الضحاك : جاءهم من المطر شيء كثير ، فسألوا موسى ( عليه السلام ) ، أن يدعو الله ( عز وجل ) ليكشفه عنهم ، ويرسلوا معه بني إسرائيل ، فدعا الله ، فكشف عنهم وأخصبت البلاد ، فعادوا ، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ، فصب الله على زُرُوعهم الجراد فأكله ، فسألوا موسى فدعا ، فكشف عنهم . ثم عادوا إلى كفرهم . وروت عائشة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال " { ٱلطُّوفَانَ } : الموت " . وعن ابن عباس قال : هو أَمْرٌ من ( أمر ) الله ( عز وجل ) ، طاف ( بهم ) ، وقرأ : { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } [ القلم : 19 ] . و : { ٱلطُّوفَانَ } : مصدر كالنقصان ، لا يجمع . وقال الأخفش : هو جمع ، واحدة : طوفانة . وقوله : { وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ } . أرسل عليهم الجراد والقمل ، وهو : الدَّبَى ، فأكل زرعهم وثمارهم . ثم أكل الشجر والأبواب وسقوف البيوت . وابتلي الجراد بالجوع ، فجعل لا يشبع . قال ابن وهب : سمعت مالكاً يقول : إن ذلك " الجراد " ، كان يأكل المسامير ، فَعَجُّوا إلى موسى ، ( عليه السلام ) ، وصاحوا وقالوا : يا موسى ، هذه المرة ! فـ : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } [ الأعراف : 134 ] ، وهو العذاب ، { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [ الأعراف : 134 ] ، فدعا لهم ، فكشف عنهم بعدما أقام سبعة أيام ، فأقاموا شهراً ، ثم عادوا لتكذيبه ، ولأعمالهم السيئة . وقيل : { ٱلْقُمَّلَ } : السوس الذي يخرج من الحِنْطَة . قاله ابن عباس ، وابن جبير . وقال السدي ، وعكرمة ، وغيرهما : هو الدَّبَى الذي لا جناح له . وقال ابن زيد : هي البراغيث . وقال الحسن : هي دَوابٌ صِغَارٌ سَودٌ . وقال أبو عبيدة : { ٱلْقُمَّلَ } : الحَمْنَانُ ، وهو ضرب من القِرَاد ، واحدتها : حَمْنَانَةٌ . و { ٱلْقُمَّلَ } : جمع واحدته : " قَمْلَةٌ " . قال سعيد بن جبير : لما أتى موسى ( عليه السلام ) ، فرعون ، قال له : أرسل معي بني إسرائيل ! فأبى عليه فأرسل الله ( عز وجل ) ، عليهم مطراً خافوا أن يكون عقاباً ، فقالوا ( لموسى ) : ادع لنا ربك يكشف عنا المطر ، فنؤمن بك ، ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه ( عز وجل ) ؛ فكشف عنهم ، فلم يؤمنوا ، ولا أرسلوا معه بني إسرائيل ، فأنبت لهم ذلك المطر تلك السنة شيئاً لم ينبت لهم قبل ذلك من الزرع والثمر والكلإ . فقالوا : هذا ما كنا نتمنى ، فأرسل الله عليهم الجِراد فسقط على الكلإ ، فلما رأوا أثره في الكلإ عرفوا أنه لا يبقى الزرع . فقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك يكشف عنَّا الجراد فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه ، فكشف عنهم الجراد ، فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل ! فدارسوا زرعهم وأحرزوا في البيوت ، فأرسل الله ( عز وجل ) ، عليهم القُمّلَ ، وهو السوس الذي يخرج منه ، فكان الرجل ( يخرج ) بعشرة أَجْرِبَةٍ [ إِلى ] الرَّحَى فلا يرد منها ثلاثة أقفزة . فقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك يكشف عنا هذا القُمَّل ، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا ربه فكشف عنهم ، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل . فبينما هو جَالِسٌ مع فرعون ، إذ سمع نقيق ضفدع ، فقال موسى ( عليه السلام ) ما تلقى أنت وقومك من هذه ! فقال : وما عسى أن يكون مثل هذا ! فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى رقبته في الضفادع ، ويهم أن يتكلم فَيَثِبَ الضفدع في فيه ، فقالوا : ادع لنا ربك يكشف عنا هذا ونؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا فكشفه عنهم فلم يؤمنوا ولا أرسلوا معه بني إسرائيل فأرسل ( الله ) عليهم الدم ، فكان ما استقوا من الأنهار والآبار وصار في أوعيتهم وجدوه دَماً عَبِيطاً ، فشكوا إلى فرعون / وقالوا : ليس لنا شراب ! قد ابتلينا بالدم ، قال : إنه سحركم ! قالوا : ومن أين سحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئاً من الماء إلا وجدناه دماً عبيطاً ؟ فأتوا موسى ( عليه السلام ) ، وقالوا : ادع لنا ربك يكشف عنا هذا فنؤمن لك ، ونرسل معك بني إسرائيل ! فدعا فكشف عنهم ولم يفعلوا ما قالوا . قال السدي : وكان الإسرائيليُّ في كل هذا مُعَافىً من هذا كله . كان القبطيُّ والإسرائيلي يستقيان من ماء واحد ، يرفع القبطي دماً ، والإسرائيلي مَاءً . وعلى نحو هذا الخبر روى أبو قتادة ، وكذلك ذكر ابن عباس وغيرهما . حتى أنه رُوِيَ أن فرعون جمع ( رجلين ) ، إسرائيلياً وقبطياً على إِناءٍ واحدٍ ، فكان الذي يلي الإسرائيلي ماء ، والذي يلي القطبي دماً . قال السدي : كان أحدهم يبني الأسطوانة ، يرفع فوقها الطعام ، فإذا صعد ليأكله وجده ، ( قد ) ملئ دماً . قال ابن جبير : كان فرعون يجمع بين الرجلين على الإناء ، القبطي والإسرائيلي ، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء ، وما يلي القبطي دماً . وكان الرجل الإسرائيلي يركب السفينة مع القبطي فَيَغْرِفُ الإسرائيلي ماء ، ويَغْرِفُ القبطي دماً . وكانت المرأة القبطية ، تأتي المرأة من بني إسرائيل ، فتقول لها : اسقني من مائك من العطش ، فتغرف لها من جَرَّتِها وتصب لها في قِرْبَتها ، فيعود الماء دماً ، حتى كانت تقول لها : اجعليه في فيك ، ثم مُجِّيه في فِيَّ ، فتأخذ الإسرائيلية في فيها [ ماء ] ، فإذا مُجَّتْهُ بِفِي القبطية ، صار دماً ، فمكثوا على ذلك سبعة أيام . قال ابن جبير ، والحسن : كان إلى جنبهم كثيب أَعْفَرُ بقرية تدعى : " عَيْن شَمْس " : فمشى موسى ، ( عليه السلام ) ، إلى ذلك الكثيب ، فضربه بعصاه ضربة صار قُمَّلاً تدب إليه ، وهي دواب سُودٌ صِغَار . فدبت إليهم ، فأخذت أَشْعَارهم وأَبْشَارهم وأَشْفَار عيونهم ، ولزمت جلودهم كالجُدَري ، فاستغاثوا بموسى ( عليه السلام ) . قالا : وكان الرجل يضطجع فتركبه الضفادع رُكاماً حتى لا يستطيع أن ينصرف على شقه الآخر ، ولا يعجن عجيناً إلا سقط فيه منه ، ولا يطبخ قِدْراً إلا سقط فيه ، فاستغاثوا . أرسل الله عليهم ذلك { آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ } ، شيئاً ، ( بعد شيء ) كان بين الآية والآية ثمانية أيام . ثم أخبر الله عنهم أنهم بعد هذه الآيات : { فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } ، أي : تَعَظَّموا وتَجَبَّروا وعتوا عن أمر الله ، ( عز وجل ) .