Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 145-147)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ } ، إلى قوله : { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . المعنى : وكتبنا لموسى في ألواحه { مِن كُلِّ شَيْءٍ } ، من التذكير والتنبيه على نعم الله ، ( تعالى ) ، وعظمته وسلطانه ومن المواعظ لقومه ومن الأمر بالعمل بما فيها ، { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } أي : تبييناً لكل شيء من أمر الله ( سبحانه ) ، في الحلال والحرام . ومعنى : { مِن كُلِّ شَيْءٍ } ، ( أي ) : من كل شيء يحتاج إليه من أمر الدين . قال ابن عباس : إن موسى ( عليه السلام ) ، لما كَرَبَهُ المَوْتُ ، قال : هذا من أجل آدم ! أنزلنا ها هنا ! قال الله : يا موسى ، أبعث إليك آدم فتخاصمه ؟ قال : نعم ! فلما بعث الله ، جل وعز ، آدم عليه السلام ، سأله موسى ، ( عليه السلام ) ، فقال أبونا آدم ( عليه السلام ) ، : يا موسى ، سألت الله أن يبعثني إليك ! قال موسى : لولا أنت لم تكن ها هنا ! قال له آدم ( عليه السلام ) : [ أليس ] قد أتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء أفلست تعلم أن { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } [ الحديد : 22 ] ، قال موسى : نعم ، فخصمه ( آدم ( عليه السلام ) . قوله : { بِقُوَّةٍ } . أي : بِجِدَّ . وقيل : بالطاعة . فـ : " الهاء " في " خُذْها " و " أَحْسَنها " ، تعود على { ٱلأَلْوَاحِ } . وقيل : على " التوراة " . { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } . أي : بأحسن ما يجدون فيها ، وذلك أن يعملوا بما أمرهم ولا يعملوا بما نهاهم / عنه . فمعنى { بِأَحْسَنِهَا } : ليس أنهم يتركون شيئاً من الحسن ، إنما يعملون بالمعروف ولا يعملون بالمنكر . وقيل المعنى : { بِأَحْسَنِهَا } لهم ، وهو العمل بما أمروا به ، والانتهاء عما نُهُوْا . وقيل : ليس أفعل للتفضيل ، إنما هو [ بمعنى ] اسم الفاعل ، كما قيل : " الله أَكْبَرُ " بمعنى : كبير . فالمعنى : يأخذوا بالحسن من ناحيتها وجنسها وما يدخل تحتها ( به ) . وقيل إن المعنى : { وَأْمُرْ قَوْمَكَ } يعملون بأحسن ما هو لهم مطلق مثل : { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } [ الشورى : 41 ] . ثم قال : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [ الشورى : 43 ] . فالانتقام جائز ، ( والعفو جائز ) ، والعفو أحسن ، فكذلك أمروا أن يعملوا بأحسن ما أُبِيحَ لهم فعله . وقيل المعنى : إن التوراة كلها حسنة لكن فيها : أقاصيص الإحسان ، والإساءة والطاعة ، والمعصية ، والعفو ، والنقمة ، فأمروا أن يأخذوا بأحسن هذه الأفعال التي نُصَّتْ عليهم . ومنه قوله : { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [ الزمر : 18 ] . فإن قيل : إن فيها حكاية الكفر ، والشرك ، " وأفعل " يوجب التفضيل ، فهل في هذا حسن دون غيره ، فذلك جائز كما قال : { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ } [ البقرة : 221 ] . وقوله : { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } . ( هو ) تهديد وتوعد لمن لم يأخذ بأحسنها وخالف ما فيها ، والكلام ، دَلَّ على ذلك . و { دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } : النّار . وهو قول مجاهد ، والحسن . وقال قتادة { دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } : منازل الكافرين الذين سكنوا قبلهم من الجبابرة والعمالقة ، وهي الشام . وقيل المعنى : { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ [ ٱلْفَاسِقِينَ ] } ، فرعون وقومه ، وهي مصر . قال ابن جبير : رفعت لموسى ، ( عليه السلام ) ، ( حتى ) نظر إليها . قال قتادة : { دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } ، منازلهم التي كانوا يسكنونها تحت يدي فرعون . وقيل المعنى : { سَأُوْرِيكُمْ } مصير الفاسقين في الآخرة ، وما أعد لهم من أليم العذاب . وقوله : { سَأَصْرِفُ [ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ ] } ، [ الآية ] . أي : أحرمهم فهم القرآن ، أي سأنزع منهم فهم الكتاب . قاله سفيان بن عُيَيْنَة . وقال ابن جريج : سأصرفهم عن أن يتفكروا في خلق السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ، وأن يعتبروا بها . وقيل معناه : سأمنع قلوبهم من الفكرة في أمري . وقال أبو إسحاق المعنى : سأجعل جزاءهم ، في الدنيا على كفرهم ، الإضلال عن هدايتي . وقال الحسن المعنى : سأصرفهم عنها ، حتى لا يؤمنوا بها . ومعنى { يَتَكَبَّرُونَ } ، أي : يحقرون الناس ، ويروا أن لهم فضلاً عليهم ، ويتكبرون عن الإيمان بالقرآن والنبي ، ( صلى الله عليه وسلم ) . { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } . أي : وإن يروا كل حجة بينة لا يصدقوا بها ، ويقولون : هي سِحْرٌ وَكَذِبٌ . { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } . أي : وإن يروا طريق الهدى لا يتخذوه طريقاً لأنفسهم . { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } . أي : وإن ( يروا ) طريق الهلاك والعطب يتخذوه لأنفسهم . ثم قال تعالى : { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } آية . أي : فعلنا بهم أن صرفناهم عن آياتنا ، من أجل أنهم { كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } ، أي : لا يتفكرون فيها ، لاهين عنها . و ( الرُّشْدُ ) و ( الرَّشَدُ ) : لغتان . وحُكِيَ عن أبي عمرو [ بن العلاء ] أنه قال : ( الرُّشْدُ ) : الصلاح ، و ( الرَّشَد ) في الدّينِ . ثم قال تعالى / : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ } ، الآية . المعنى : وكل مكذب بالقرآن ، والأدلة على توحيد الله ، ( عز وجل ) ، وينكر نبوة محمد ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، والبعث ، { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } ، أي : بطلت . ( أعمالهم ) وذهبت { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، أي : إلا ثواب عملهم في الآخرة .