Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-149)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ ( عِجْلاً ) } إلى قوله : { مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } . قوله : { حُلِيِّهِمْ } ، واحده : حَلْيٌ ، مثل : فَعْلٌ . وباب " فَعْلٌ " أن يجمع في أكثر العدد على : فَعُول ، فأصله : حُلُويٌ ، كـ " قَلْب وقُلُوب " ، ثم أدغمت الواو في الياء لسكونها قبلها ، فصارت " حُلُيُّ " فاجتمع ضمان ، بعدهما ياء شديدة ، فاستثقل ذلك ، فكسرت " اللام " ، وبقيت " الحاء " على ضمتها لتدل على أنه جمع ، [ و ] على أن الأصل في " اللام " الضم ، إذ ليس في الكلام " فِعَيل " . ومن كسر " الحاء " ، أتبعها كسرة " اللام " ليعمل اللسان من حَيِّزٍ وَاحِدٍ . والمعنى : إن بني إسرائيل اتخذوا العجل الذي صاغ لهم السامريّ إلها ، بعد مضي موسى ( عليه السلام ) ، إلى ميقات ربه ، ( عز وجل ) ، وقال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى قد نسيه عندكم ، ومضي يطلبه ، وكان قد صاغه لهم من حَلْي بني إسرائيل الذي استعاروه من القِبْط ، إذ خرجوا مع موسى ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، وروي أن موسى أمرهم بذلك . ومعنى : { جَسَداً } ، لا رأس له . قيل : كان جثة لا رأس له . وقيل : معنى { جَسَداً } ، أي جثة لا يعقل ولا يميز . { لَّهُ خُوَارٌ } . أي : صوت البقر ، فَضَلَّ هؤلاء بما لا يجوز أن يَضِلَّ به أهل العقول . { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } . أي : لا يرشدهم طريقاً ولا يكلمهم ، وليس هذا من صفات الرب الذي له العبادة ، بل صفته أنه يكلم أنبياءه ، ويرشدهم إلى طريق الخير . ثم قال تعالى : { ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } . أي : اتخذوا العجل إلها ، { وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } في ذلك ، أي : واضعين الشيء في غير موضعه . { جَسَداً } ، وقف عند نافع . والحسن أن يوقف على : { لَّهُ خُوَارٌ } ؛ لأنه من صفته . ثم قال تعالى : { وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ } . أي : ندموا على عبادته ، { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } ، أي : علموا أنهم ضالون في عبادة العجل جائزون عن قصد السبيل ، إذ عاينوه وقد حرق بالمِبْرَدِ ونسف في البحر ، وهو لا يمنع ولا يدفع ، { قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا } ، أي : يتعطف علينا بالتوبة . { وَيَغْفِرْ لَنَا } ، أي : ما جنيناه من عبادة العجل ، { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } ، فأبى الله ، تعالى ، أن يقبل توبتهم إلا أن يقتلوا أنفسهم ، على ما ذُكِرَ في سورة البقرة . وفي حرف أُبَيٍ : " قالوا رَبَّنَا لَئِنْ لمْ تَرْحَمْنَا وَتَغَفِرْ لَنَا " ، وهو شاهد لمن قرأ ب : " التاء " ، ونصب : { رَبُّنَا } . وله وجه آخر ، وهو أن الدعاء يتضمن الخبر ، ففيه معنيان ، والخبر لا يتضمن الدعاء إنما فيه معنى واحد ، فالنداء أبلغ . وقرئ : " وَلَمَّا سَقَطَ " ، بفتح السين : بمعنى : سقط الندم ( في أيديهم ) .