Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 168-170)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ } ، إلى قوله : { ٱلْمُصْلِحِينَ } . روى أبو بكر عن عاصم : " وَقَطَعْنَهَمْ " ، بالتخفيف . والمعنى : وفرقنا بني إسرائيل في الأرض { أُمَماً } ، أي : جماعات شتى . ففي كل أرض قوم من اليهود ، { مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ } ، أي : منهم من يؤمن بالله ورسله ، { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } ، وصفهم بهذا قَبْلَ كُفْرِهِمْ وارتدادهم عن دينهم ، وقَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ عِيسَى ( عليه السلام ) . { وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ } . أي : بالرخاء ، والسعة في الرزق ، { وَٱلسَّيِّئَاتِ } ، بالجدب والمصائب ، أي : اختبرناهم بذلك ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، إلى طاعة الله ( عز وجل ) . قوله : { أُمَماً } ، وقف . و { دُونَ ذٰلِكَ } ، وقف . و { وَٱلسَّيِّئَاتِ } ، وقف . ثم قال تعالى : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } . أي : حدث من بعدهم خَلْفُ سُوْءٍ ، يعني : أبناءهم . و " الخَلْف " : الرديء من القول ، ومن الأبناء ، يقال للواحد والاثنين والجميع ، بلفظ واحد . ويقال في المدح : " هذا خَلَف صِدْقٍ " ، بتحريك اللام ، ولَزِمَ تسكن اللام فيه ، هذا الأشهر . وقد تحرك في الذم وتسكن في المدح ، قال حسان : @ … ، وخَلْفُنَا لأوَّلِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ تابعُ @@ والخَلَفُ السُّوْءِ ، مأخوذ من قولهم : " خَلَفَ اللّبَن " ، إذ حمض حتى فسد ، ومن قولهم : " خَلَفُ فَمِ الصَّائِمِ " ، إذا تغير ريحه . وقال مجاهد : " الخَلْف " في الآية يراد به النصارى بعد اليهود . { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } . يعني : الرشوة على الحكم في قول الجميع . { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } . يحتمل وجهين : أحدهما : أنه مغفور ، لا نؤاخَذُ به . والثاني : أنه ذنب ، لكن الله قد يغفره لنا ، تأميلاً منهم لرحمته . وهو ما عَنَّ لهم من عرض الدنيا حلالاً كان أو حراماً ، يأخذونه ويتمنون المغفرة ، { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } ، وإن وجدوا بعده مثله ، أخذوه ، فهم مُصِرُّونَ على أخذه ، وإنما يتمنى المغفرة من أَقْلَعَ عن الذنب ، فلم يعد إليه ، ولاَ نَوَى الرجوع إلى مثله . قال ابن جبير : يعملون بالذنب ثم يستغفرون منه ، فإن عرض لهم ذنب رَكِبُوه . و " العَرَضُ " عنده : الذنوب . قال السدي : كان بنو إسرائيل لا يَسْتَقْضُونَ قَاضِياً إِلاَّ ارْتَشَىِ في الحُكْمِ ، فيقال له في ذلك ، فيقول : { سَيُغْفَرُ لَنَا } ، فيطعن عليه بقية بني إسرائيل . فإذا مات جعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه ، فيرتشي ، أيضاً ، ثم لاَ يَثُوبُونَ . قال ابن زيد : يأتيهم المحق برشوة ، فيخرجون له كتاب الله ، ثم يحكمون له بالرشوة / فإذا جاءهم الظالم بالرِّشوة ، أخرجوا له الكتاب الذي كتبوا بأيديهم ، وقالوا : { هَـٰذَا [ مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ ] لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [ البقرة : 79 ] ، وهو عَرَضُ الدنيا ، هو الرُّشَى في الحكم ، فيحكمون له بما في الكتاب ، فهو [ في كتابهم ] ، محق ، وهو في التوراة ظالم ، فقال الله ( عز وجل ) : { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } . المعنى : ألم يؤخذ عليهم الميثاق ، ألا يعملوا إلا بما في التوراة ، و { أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } . [ قال ابن عباس : { أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } ] ، يعني [ فيما ] يوجبون به من غفران ذنوبهم التي هم عليها مصرون . وقوله : { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } . معناه : ورثوا الكتاب ، ودرسوا ما فيه ، فَنَبَذُوهُ ، وعملوا بخلاف ما فيه . وقال ابن زيد : علَّموه ، فَعَلِمُوا ما فيه . ثم قال : { وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } . أي : ما فيها من النعيم . قوله : { يَأْخُذُوهُ } ، وقف . وكذا : { إِلاَّ ٱلْحَقَّ } . وكذا : { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } . ثم قال : { وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ } . أي : يعملون بما في التوراة ، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ } ، [ ي : أجر المُصلِحِ منهم ] .