Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 191-194)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

( قوله ) : { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } ، إلى قوله : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . وقيل : إن قوله : { فِيمَآ آتَاهُمَا } ، هو تَمَامُ الكَلاَمِ في قصة آدم وحواء ، ثم ابتدأ إِخْبَاراً عن المشركين من بني آدم ، فقال : { فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، الآية . قال محمد بن عرفة نِفْطَويْه : لم يشركا بربهما ، إنما أطاعا إبليس في بعض ما أُمرا بتركه ، أَطَاعَاهُ طَاعَةَ مُغْتَرٍ مُكَادٍ ، لاَ طَاعَةَ مُلْحِدٍ مُصِرٍّ . قال : فأما قول : { فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، فإنما أريد به : من عبد غير الله من اولاد آدم وحواء ، دليله ( قوله ) : { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } ، إلى قوله : { صَٰمِتُونَ } ، فلم يعبد آدم وحواء أصناماً فيكون هذا خطاباً لهما ، إنما عبد ذلك أولادهما . فالمعنى : أيشركون في عبادة الله ، فيعبدون { مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } ، يعني تسميتهما ولدهما : " عبد الحارث " . رُوِيَ أنّ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " خَدَعَهُما ( إبليس ) مرتين ، في الجنة وفي الأرض " . وقال ابن زيد : لما ولد لهما ولد سمياه : " عبد الله " فمات ، ثم ولد لهما أخرى فسمياه : " عبد الله " فأتاهما إبليس فقال : أتظنان أن الله تارك عبده عندكما ؟ لا والله ، ليذهبن به كما ذهب / بالآخر ! ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما ، فَسَمّيَاهُ : " عبد شمس " فذلك قوله تعالى : { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } ، يعني : الشمس . وإنما أخرج الخبر بلفظ الجميع لأنهم كانوا يعظمون ما يعبدون ويخبرون عنها مثل الإخبار عمن يعقل ، فخوطبوا بما كانوا يعقلون . وقيل : إنما هذا خطاب للمشركين عَبَدَةَ الأَوْثَانِ . ثم قال : { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ ) } . أي : ما يعبد هؤلاء ، لا ينصرون من يعبدهم ، ولا ينصرون أنفسهم . ثم قال تعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } . والمعنى : إنكم إن دعوتم آلهتكم إلى رشاد لم تفهم ، فكيف يُعْبَدُ من إذا دُعِي إلى الرشاد وعُرِّفه لم يعرفه ، ولم يفهم رشاداً من ضلال ، وكان دعاؤه وتركه سواء ، فكيف يُعْبَدُ من هذه صفته ، وكيف يُشْكِل عظيمُ جهل من اتخذ ما هذه صفته إلاهاً ؟ { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَٰمِتُونَ } . أي صَمَتُّم . كل ذلك على آلهتكم سواء ، لا تعقل ولا تفهم فهذا في الظاهر وقع للداعين الاستواء وهو في المعنى المقصود وقع للمدعويين ؛ لأن حال الداعي في الصُّمَاتِ والدعاء مختلفة ؛ لأنه ممن يدعو ويصمت ، وحال المدعويين في الدعاء والصُّمَات سواءٌ ، لأنها أصنام ، قد استوى الدعاء لها وتركه ، إذ لا تعقل ، ولا تختلف أحوالها ، فلما استوى على الأصنام الدعاء والصُّمَاتُ ، استوى على الداعي ذلك أيضاً ، إذ يدعو ويصمت فلا يجاب فجاز لذلك ، فصار الدعاء والصَّمت للداعي في الظاهر لهذا المعنى ، وهو مثل قوله : { كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ } [ البقرة : 171 ] . وقد مضى بيانه . ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } . يعني : المعبودين . قرأ ابن جبير : " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَاداً أَمْثَالَكُمْ " ، بتخفيف { إِنَّ } ، بجعلها بمعنى : " ما " ، وبنصب " العبادَ " و " الأمثال " على النفي ، أي : ليست هي مثلكم ؛ وَإِنَّمَا هِيَ خَشَبٌ وَحِجَارَةٌ . والاختيار عند سيبويه : الرفع ( مع ) " إِنْ " إذا كانت بمعنى " ما " ؛ لأن " ما " عملها ضعيف ، فعمل ما هو في معناها أضعف . وزعم الكسائي : أن العرب لا تأتي بـ " إنْ " بمعنى " ما " في الكلام ، إلا أن يكون بَعْدَهَا إِيجَابٌ ، كقوله : { إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } [ الملك : 20 ] .