Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 200-202)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِماَّ يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ } ، إلى قوله : { يُقْصِرُونَ } . والمعنى : وإما يغضبَنَّكَ من الشيطان ، غَضَبٌ يَصُدُّكَ عن الإعراض عن الجاهلين ، ويحملك على مجازاتهم { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } ، أي : اسْتَجِرْ بِهِ ، { إِنَّهُ سَمِيعٌ } لجهل الجاهل عليك ، ولاستعاذتك به من نزغ الشيطان ، ولغير ذلك من أمورك ، { عَلِيمٌ } ، بما يذهب عند نَزْغَ الشَّيْطَانِ ، وبغير ذلك . وقال أبو عبيدة المعنى : وإما يستخفنك منه خفة . وقيل " نَزْغُهُ " . وسوسته . وقيل : " نَزْغُهُ " : فساده . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ } . و " الطَّائِفُ " و " الطَّيْفُ " عند جماعة من البصريين ، سواء ، وهو ما كان كالخيال ، والشيء يُلِمُّ بِكَ . وقيل : إن " طيفاً " مخفف من : " طيّفٍ " ، مثل : مَيْتٌ ومَيِّتٌ . وقال بعض الكوفيين : " الطَّائِفُ " : ما طاف به من وسوسة الشيطان . و " الطَّيْفُ " : من اللَّمم والمَسِّ . وقال الكسائي : " الطَّيْفُ " : اللهو ، و " الطَّائفُ " : كل ما طاف حول الإنسان . وقرأ ابن جبير : " طَيِّفٌ " مشدوداً . و " الطَّيْفُ " عند أهل العربية : مصدر طاف . وقال الكسائي : هو مخفف من " طَيِّفٍ " . وقال الكسائي : " طَافَ " من : الواو . وقال الأَحْمَرُ سمعت : " طِفْتُ أطِيفُ " . وحكى البصريون : " طَاف بطيف " و " طِفْتُ أطِيفُ " . قال ابن جبير ومجاهد : " الطَّيْفُ " : الغضب . وقال ابن عباس " طَائِفٌ " : لمَّةٌ من الشيطان . وقال السدي : { تَذَكَّرُواْ } ، أي : تذكروا عقاب الله ، ( عز وجل ) ، فتابوا ، أي : تابوا إذا زَلُّوا . قال ابن عباس : { فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } ، أي : منتهون عن المعصية . ثم قال تعالى : { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ } . أي : وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي . { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } . أي : لا يقصرون عما أقصر عنه الذين اتقوا { إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ } . وهذا خبر من الله ، ( عز وجل ) عن حال المؤمنين وحال الكفار ، أن المؤمن إذا أصاب الذنب تذكر العقوبة فتاب ورجع وأبصر رشده ، والكافر يمد له إخوانه من الشياطين في الغي ، ثم لا يقصر عن غيه ، ولا يرجع كما فعل المؤمن . و " المَدُّ " : الزيادة ، ف " الهاء " و " الميم " في : { وَإِخْوَانُهُمْ } تعود على الشياطين . ودَلَّ " الشيطان " في قوله { طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ } ، على الشياطين . و " الإخوان " كناية عن الكفار . والضمير المرفوع في : " يُمِدُّونَ " يعود على " الشياطين " . و " الهاء " و " الميم " في { يَمُدُّونَهُمْ } تعود على " الكفار " ، وهم الإخوان . وقيل المعنى : ثم لا يقصر الشياطين في مدهم في الغي للكفار . قاله : قتادة . وقال : { لاَ يُقْصِرُونَ } عنهم ولا يرحمونهم . / فالضمير في { يُقْصِرُونَ } للشياطين . وعلى القول الأول للمشركين ، وَهُوَ الأَكْثَرُ . و " الغَيُّ " : الجهل والوقوع في الهلكة . وهذا الكلام عند أبي إسحاق مُقَدَّمٌ مُتَّصِلٌ في النية بقوله : { وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } [ الأعراف : 197 ] . ثم قال : { وَإِخْوَانُهُمْ } ، أي : وإخوانهم يعني : الشياطين ، { يَمُدُّونَهُمْ } ، يعنى : الكفار . يقال : " قَصَّر " عن الشيء و " أَقْصَرَ " . وقد أنكر أبو حاتم وأبو عُبَيْد قراءه نافع ، بـ : " ضَمِّ اليَاءِ " في : { يَمُدُّونَهُمْ } ، وهي مشهورة . حكى المبرد : " مَدَدَتْ لَهُ في كَذَا " : " زينته له ، واسْتَدْعَيْتُه أن يفعله ، و " أمْدَدْتُّهُ في كذا " أي : أعنته برأيي وغير ذلك . وحكى غير المبرد : " مَدَّهُ " و " أمَدَّهُ " بمعنىً . وقيل { فِي ٱلْغَيِّ } : متعلق بـ " الإخوان " ، التقدير : وَإِخْوَانُهُمْ فِي الغَيِّ يُمِدُّونَهُمُ ، والأول أحسن ، كما قال : { وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ } [ البقرة : 15 ] .