Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 54-54)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ [ وَٱلأَرْضَ ] } ، الآية . احتج من خفف { يُغْشِي } ، بقوله : { فَأغْشَيْنَاهُمْ } [ يس : 9 ] . واحتج من شدد بقوله : { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } [ النجم : 54 ] ، وبأن التشديد يوجب التكرير ، وكذلك هو فعل يتكرر ويتردد ، وذلك أن كل يوم دخل ليله غير ليل اليوم الآخر ، فالتغشية مكررة لمجيئها يوماً بعد يوم ، وليلة بعد ليلة . وقوله : { حَثِيثاً } . أي : طلباً حثيثاً . والمعنى : إن سيدكم ومصلح أموركم ، هو { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } ، وذلك يوم الأحد ، والاثنين ، والثلاثاء ، والأربعاء ، والخميس ، والجمعة . قال مجاهد : بدأ بخلق العرش والماء والهواء ، وخلقت الأرض من الماء ، وكان جمع الخلق يوم الجمعة ، فلذلك سميت الجمعة . وقوله : { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ } . أي : يورد الليل على النهار فيلبسه إياه ، حتى يذهب بضوئه ، يطلبه طلباً { حَثِيثاً } ، أي : سريعاً حتى يدركه . { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } . { ٱلْخَلْقُ } : المخلوق . { وَٱلأَمْرُ } هو : كلامه الذي به تكون المخلوقات ، فهو غير مخلوق ، وصفة من صفاته ، كعلمه وقدرته ، لا يشبه كلام المخلوقين ، ولا يقدر فيه صوت ولا حروف ؛ إنما هو كلام له صفة ذاته ، فكما أنه تعالى لا شيء يشبهه ، كذلك صفاته لا تشبهها صفة . وقال ابن عباس : الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، سبعة آلاف سنة . وقال كعب : الدنيا ستة آلاف سنة . [ وكذلك ] قال وهب . [ و ] قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : " أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس " . وقال صلى الله عليه ( وسلم ) يوماً عند غروب الشمس : " ( إن ) مثل ما بقي من دنياكم في ما مضى ، كهيئة يومكم هذا في مضى منه " . وقال : " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه : السبابة والوسطى " . قال ابن عباس : " سألت اليهود النبي ( عليه السلام ) عن خلق السموات والأرض فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ومنافعها ، / وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب ، فهذه أربعة أيام ، وهو قوله : { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } ، ثم قال : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } . قال : وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر إلى ثلاثة ساعات منه . وخلق في أول ساعة من هذه الثلاث ساعات من حَيِي ومن يموت ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس ، وفي الثالثة منه خلق آدم ( عليه السلام ) . وأسكنه الجنة ، وأمر إبليس بالسجود له ، وأخرجه منها آخر ساعة " ، ثم قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : " ثم استوى على العرش " قالوا : قد أصبت لو أتممت ، قالوا : ثم استراح ، فغضب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، غضباً شديداً ، فنزل : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } " . واللغوب : الإعياء . واليهود ، عليهم اللعنة ، تتأول في السبت ، أنه يوم الراحة ، فلذلك جعلوه لأنفسهم راحة لا يتصرفون فيه ، تعالى الله عن ذلك . قال قتادة : أوحى الله في كل سماء أمرها : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها . فَخَلْقُ الشمس والقمر كان بعد [ خَلْقِ ) السموات والأرض . قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " أول ما خلق الله القلم فقال له : اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن " . قال ابن عباس : ثم رفع بخار الماء فَفَتَقَ منها السموات والأرض . وقيل : أول شيء خلق الله النور والظلمة ، ثم ميز بينهما ، فجعل الظلمة ليلاً أسود مظلماً ، وجعل النور نهاراً مبصراً . فالسموات والأرض تحيط بهما البحار ويحيط بذلك كله الهيكل ، ويحيط بالهيكل الكرسي . قال وهب : الهيكل شيء من أطراف السموات يحدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط . وكان بين خلقه تعالى ، القلم وخلقه سائر خلقه ألف عام . ولما أراد تعالى أن يخلق السموات خلق أياماً ستة ، فخلق واحداً فسماه الأحد ، وثانياً فسماه : الاثنين ، وثالثاً فسماه : الثلاثاء ، ورابعاً فسماه : الأربعاء ، وخامسا فسماه : الخميس . وكان ابتداء الخلق يوم السبت خلق فيه التربة . وقيل : يوم الأحد . وقد روي أن الله تعالى خلق البيت العتيق على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحته . قاله ابن عباس . وكذلك روى مجاهد عن عبد الله بن عمرو . أي : نزرا قليلاً لا فائدة فيه مع قلته ، كذلك الكافر لا يقبل الهدى / فإن قبل شيئاً فهو قليل لا فائدة فيه ؛ لأنه على شك وقلة يقين . قال ذلك ابن عباس وقتادة . وقال السدي : هو مثل ضربه الله ، تعالى ، للقلوب لما نزل عليها القرآن ، كنزول المطر على الأرض ، فقلب المؤمن كالأرض الطيبة القابلة للماء الذي تنتفع به فيما تخرج [ و ] قلب الكافر كالأرض السبخة التي لا تنتفع بما تقبل من الماء . هذا معنى قوله : { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } [ الأعراف : 58 ] ، أي : كما فعلنا فيما تقدم ذكره ، مثله نصرف الآيات في هذا . قوله : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } [ الأعراف : 59 - 61 ] ، الآيات الثلاث . لام { لَقَدْ } لام توكيد بمعنى القسم . وقال ابن عباس : الليل خلق قبل النهار . وقيل : [ كان ] النهار قبل الليل . ودليل ذلك أن الله ، تعالى ذكره ، [ كان ] ولا ليل ، ولا نهار ، ولا شيء غيره ؛ وأن نوره كان يضيء به كل شيء خلقه بعدما خلقه ، حتى خلق الليل . فالضياء قبل الظلمة .