Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-7)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله تعالى : { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } ، إلى قوله : { وَنَرَاهُ قَرِيباً } . أكثر المفسرين على أنه من السؤال ، ونزلت في ( النضر بن الحارث ) حين قال : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ … } [ الأنفال : 32 ] الآية . وأصله الهمز . قال ابن عباس : ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع [ بهم ] . قال مجاهد : { سَأَلَ سَآئِلٌ } أي : دعا داع بعذاب الله وهو واقع بهم في الآخرة ، قال : وهو قولهم { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ } الآية . قال ابن عباس : [ هو قول ] النضر بن الحارث / بن كلدة . وقال قتادة : ( سأل عذاب الله أقوام ، فبين الله على من يقع ) ، على الكافرين . ( وروى عروة بن ثابت أنه من السيلان وأنه واحد من أودية جهنم يقال له : سائل . فتكون الهمزة بدلاً من " يا " في سائل . وقوله : { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } معناه بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم . وقيل ( للكافرين ) . معناه : على الكافرين ، قاله الضحاك ، وكذلك هي في قراءة أبي : " على الكافرين " ) . وقال الفراء : التقدير : بعذاب للكافرين واقع ، ولا يجوز عندهم تعلق . " للكافرين " بـ " واقع " . وقال الحسن : أنزل الله جل وعز { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } فقالوا : لمن هو ؟ وعلى من يقع ؟ فأنزل الله : { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } ، فهذا يدل ( على ) تعلق اللام بـ " واقع " . فأما الباء في { بِعَذَابٍ } فإن المبرد يقول : هي متعلقة بالمصدر الذي دَلَّ عليه الفعل . وقال غيره : هي زائدة بمنزلة قوله { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } [ الحج : 25 ] . والباء - في قول من جعله من السؤال - بمعنى " عن " ، وهو قول الحسن ، وقاله من أهل اللغة ابن السّكّيت . - وقوله { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } . أي : ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله رادٌّ يرده عنهم . - وقوله { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } : أي : ذو العلو والدرجات والفواضل والنعم ، قاله ابن عباس وقتادة . وعن ابن عباس : { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } ذي الدرجات . وقيل : إن الملائكة تعرج إليه ، فنسب ( ذلك إلى نفسه ) . - ثم قال تعالى : { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } . أي : تصعد الملائكة والروح - وهو جبريل عليه السلام إلى الله . { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } . أي : كان مقدار صعودهم ذلك - لغيرهم من الخلق - خمسين ألف سنة ، وهم يصعدون في يوم يقدره الله ، وذلك أنها تصعد من منتهى أمر الله جل ذكره من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السماوات السبع ، هذا معنى قول مجاهد . قال مجاهد : { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ } [ السجدة : 5 ] يعني بذلك نزول الوحي من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد ، فذلك مقداره ألف سنة ؛ لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة . وقال عكرمة : { كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } قال : في يوم واحد من القضاء كعدل خمسين ألف سنة . وروى عكرمة عن ابن عباس : { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } قال : هو يوم القيامة . وهو قول [ مجاهد ] وقتادة . وقيل : المعنى : لو حكم في ذلك اليوم أعقل الناس وأعدلهم لأقام خمسين ألف سنة قبل أن يحكم بين اثنين . والروح : جبريل عليه السلام . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير والتقدير : سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة للكافرين . أي : ذلك اليوم على الكافرين في صعوبته كقدر صعوبة خمسين ألف سنة . - ثم قال { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ … } . قال ابن عباس : جعل الله يوم القيامة على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ، أي : محاسبة الله الخلق [ فيه ] وإثابتهم أو معاقبتهم مقدار خمسين ألف سنة لو كان غير الله المحاسب والمجازي . ودل على هذا المعنى ما روى أبو سعيد الخدري " أنه قيل للنبي عليه السلام : ما أطول هذا اليوم ! فقال : " إنه على المؤمن أخف من صلاة مكتوبة يصليها " " . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال : الدنيا كلها من أولها إلى آخرها خمسونَ ألف سنة ، لا يدري أَحَدٌ كَمْ مضى منها ، ولا كَمْ بقي . وروى ( عن ) ابن عباس توقف عن تفسيره . ( وقد قال مجاهد ( في قوله ) تعالى ) : { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ } قال : الروح خلق الله مع الملائكة لا تراهم الملائكة كما لا ترون أنتم الملائكة . - ثم قال : { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } . أي : فاصبر يا محمد على أذاء هؤلاء المشركين لك ، ولا يمنعك ما تلقى منهم من المكروه من تبليغ ما أمرك الله ( به ) من الرسالة ( إليهم ) . ومعنى { جَمِيلاً } : أي : لا حرج فيه ، قال ابن زيد : هذا منسوخ ، إنما كان قبل الأمر بالقتال ، ثم أمر بالقتال والغلظة ( عليهم ) والشدة ، وقيل : هو محكم ؛ لأن النبي عليه السلام لم يزل صابراً عليهم محتملاً . ويقال : الصبر الجميل في المصائب ألا يُعرَف صاحبُ المصيبة بين جماعته [ لتجلده ] في صبره / [ واحتسابه ] . - ثم قال : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً } . ( أي ) : إن هؤلاء [ المشركين ] - الذين سألوا العذاب الواقع عليهم - يرون وقوع العذاب عليهم بعيداً إذ لا يصدقون به ، ونحن نراه قريباً ؛ لأنه كائن لا بد منه ، وكل ما هو كائن فهو قريب .