Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 29-44)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

- قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } إلى آخر السورة . أي : وإلا الذين [ يحفظون ] فروجهم فلا يطئون إلا أزواجهم أو مملوكاتهم فلا لوم عليهم في ذلك . - ثم قال تعالى : { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ … } . أي : فمن التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته ومملوكته فهو متعد إلى ما حرم الله عليه ، ملوم على فعله . - ثم قال { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } . أي : وإلا الذين يحافظون على أداء أماناتهم من فروضهم - التي ألزمهم الله إياها - وأَمَاناتِ عباده التي ائتمنوهم عليها ، والوفاء بعهودهم التي أخذها الله عليهم ، وعهود عباده عندهم . - ثم قال { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } . أي : وإلا الذين هم لا يكتمون ما أشهدوا عليه ، ولكن يؤدونه حيث يلزمهم أداؤه غير مبدلين ولا مغيرين . - ثم قال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } . أي : وإلا الذين يحافظون على أداء صلواتهم بفروضها في أوقاتها ، بحدودها لا يضيعون شيئاً من ذلك ثم أخبر عن مصير هؤلاء الذين تقدمت صفتهم في الاستثناء من الإنسان الهلوع فقال : { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } . أي : الذين تقدمت صفتهم - من قوله : " إِلاَّ المُصَلِّينَ " - في بساتين يكرمهم الله بكرامته . ثم قال تعالى : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } . أي : فما شأن الذين كفروا نحوك عامدين : قال قتادة : { مُهْطِعِينَ } " عامدين " . وقال ابن زيد : المهطع " الذي [ لا يطرف " ] . وقال الحسن : { مُهْطِعِينَ } : " منطلقين " . وقال أبو عبيدة : مسرعين . فالمعنى : فما شأن الذين كفروا مسرعين بالتكذيب لك . وقيل : بالاستماع منك ، لِيَعِيبُوكَ . - ثم قال { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } . روي عن ابن عباس ( أنه قال ) : [ العزون ] : العصب من الناس عن يمين وشمال معرضين عن محمد يستهزئون به . وقال مجاهد ( عزين : مجالس مجالس ) . قال قتادة : { مُهْطِعِينَ } عامدين ، { عِزِينَ } فرق حول رسول الله لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه . وقال الضحاك : عزين : ( حلقاً ) وفرقاً . قال ابن زيد : عزين : مجالس . ومعنى { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ } أي : عن يمينك وشمالك جماعات متفرقة في أديانهم مخالفين للإسلام . وقال الطبري : { عِزِينَ } متفرقين حلقاً حلقاً ومجالس مجالس ، [ جماعة جماعة ] متفرقين عنك وعن كتاب الله . - ثم قال { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلاَّ … } . [ أي ] : أيطمع كل إنسان منهم أن ينجو من عذاب الله فيدخل الجنة التي ينعم مَن دخلها ؟ ! لا يكون ذلك . - ثم قال : { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } . أي : مِن مَني حقير لا يستوجب ( به ) دخول الجنة ، إنما يستوجب دخولها بالطاعة لله . قال قتادة : { مِّمَّا يَعْلَمُونَ } من مني قذر ، فَاتَّقِ الله يا ابن آدم . وقيل : هو إشارة إلى إعلامهم أنهم كسائر الخلق ليس لهم فضل بأن يؤتى كل أحد منهم ما يريد من دخول الله ، بل حكم جميع الخلق ألا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح ، وأنتم أيها المخاطبون مثل جميع الخلق خلقتم من نطفة . - ثم قال تعالى { فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ } . " لا " زائدة ، والتقدير : [ أقسم برب : مشارق الشمس ] وهي ثلاثمائة وستون ، وبرب مغاربها ، وهي ثلاثمائة وستون . - { إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } . على أن نخلق خيراً من هؤلاء المشركين ونهلكهم . - { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } : أي ما يفوتنا أحد نريد هلاكه ولا أمر نريد إتمامه . قال ابن عباس : " ( إن ) الشمس تطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كُوَّة ، تطلع كل يوم في كوة لا ترجع إلى تلك الكوة إلى ذلك اليوم من العام المقبل ، ولا تطلع إلا وهي كارهة ، [ تقول ] : يا رب ، لا تطلعني على عبادك ، فإني أراهم يعصونك ويعملون بمعاصيك " . وعن ابن عباس أيضاً في قوله : { فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ } أنه قال : " هو مطلع الشمس ومغربها ومطلع القمر ومغربه " . - ثم قال تعالى : { فَذَرْهُمْ ( يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ) حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } . هذا تهدد ووعيد لكفار قريش ومن كان على دينهم . أي : دع يا محمد هؤلاء المشركين - المهطعين / عن اليمين وعن الشمال عزين - يخوضوا في [ باطلهم ] ويلعبوا في هذه الدنيا حتى يلاقوا يوم القيامة الذي وعدوا به . ثم بَيَّنَ [ يومهم ] الذي يوعدون فقال : { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً … } ، فهو يوم بدلٌ من " يوم " الأول . فالمعنى [ فَذَرْهُمْ ] يا محمد حتى يلاقوا يوم يخرجون من القبور مسرعين إلى الداعي . - { كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } . أي : كأنهم إلى عَلَم قد نصب لهم يستبقون ، [ و " نَصْب " مصدر : نَصَبْتُ الشيء ] نَصْباً فتأويله كأنهم إلى صنم منصوب ( لهم ) يسرعون ذليلين . وروي عن عاصم أنه [ قرأ : { نُصُبٍ } ] بضم النون والصاد ، جعله [ واحداً لأنصاب ] ، وَهي آلهتهم التي كانوا يعبدون ، كطُنُب وأطناب . وقيل : هو جمع نَصْبٍ ، والنَّصْبُ : الصنم الذي ينصب لهم فيكون كرَهْن ورُهُن ، وهو قول أبي عبيدة . وقيل : هو جمع نصاب ، والنصاب الحجر أو الضم ينصب فيذبح عنده . وقرأ قتادة : { نُصُبٍ } بضم النون وإسكان الصاد فهو مخفف من " نُصُب " . وقد قيل : إن نَصْباً ونُصْباً ثلاث لغات بمعنىً ، كما يقال عَمْرٌو وعُمْرٌو وعُمُرٌو . فأما قوله تعالى { وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } [ المائدة : 3 ] فهو جمع نصاب عند كل العلماء ، وهو الذي ينصب ليذبحوا لآلهتهم عنده وقد مضى ذكره . قال : أبو العالية { إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } أي : كأنهم إلى غايات يستبقون . وقال ابن عباس : إلى غايات يسعون . وقال الضحاك : إلى ( " علم ينطلقون " ) . وقال ابن زيد : [ { إِلَىٰ نُصُبٍ } ] : النَّصْبُ حجارة طوال يعبدونها يسمونها نَصْباً ، قال : و { يُوفِضُونَ } : يسرعون إليه . وقال الحسن : { ( كَأَنَّهُمْ ) إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } أي : يبْتَدِرون نصبهم أيهم يسْتلمه أول ، قال : وذلك إذا طلعت الشمس لا يلوي أولهم على آخرهم . - وقوله : { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ … } . أي : خاضعة ذليلة لما نزل بهم من الخزي والهوان . - { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ … } . أي : تغشاهم ذلة . والعامل في " خاشعةً " " يخرجون " أو " ترهقهم " ، - ثم قال تعالى : { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ( ٱلَّذِي ) كَانُواْ يُوعَدُونَ } . أي : هذا اليوم الذي تقدمت صفته هو اليوم الذي كانوا يوعدون به في الدنيا فلا يصدقون به .