Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 20-28)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله : { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي … } إلى آخر السورة . أي : قال محمد صلى الله عليه وسلم ، " لما تظاهرت على إنكار ما جاء به العرب ، إنما أدعو ربي وأوحده ولا أشرك به " وهذا يدل على أن معنى { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } أنه لما قام محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تراكبت العرب ( عليه ) . وتظافرت ليردوا قوله ويُطفئوا النور الذي جاء فقال لهم : { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } . ومن قرأ ( قل ) جعله على الأمر من الله لنبيه ، أي : قل لهؤلاء الذين تظاهروا عليك لما دعوتهم إلى التوحيد : إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا . - ( ثم قال تعالى : { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } . أي : قل يا محمد لمشركي العرب الذين ردوا عليك أني لا أملك [ لكم ] ضراً في دينكم ولا دنياكم ، ولا أملك لكم رشدكم ، إنما ذلك إلى الله ) . - ثم قال : { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ … } . أي : لن يمنعني من الله أحد إن أرادني بأمر . وروي أن بعض الجن قال : أنا أجيره ، فنزلت هذه الآية ونزلت { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي : لا ملجأ ولا ناصراً ألجأ إليه . - ثم قال : { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ / … } . أي : لا أملك لكم ضراً ولا رشداً { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ } أي : أملك إلا أن أبلغكم عن الله رسالاته التي أرسلني بها إليكم فأما الرشد والخذلان فبيد الله . وقيل [ إلا ] بمعنى " لم " و " إن " منفصلة ، والتقدير : قل إني لن يجيرني من الله أحد [ إن ] لم أبلغ رسالاته إليكم بلاغاً ، فَيَنْتَصب بلاغاً بإضمار ( فعل من الجزاء وتكون للجزاء كما تقول : إلا قياماً ) فقعوداً ، وإلا عطاءً فرداً جميلاً . - ثم قال : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } . أي : من يعصهما فيما أمَرا به فإن له نار جهنم في الآخرة ماكثين فيها أبداً لا يخرجون ولا يموتون . - ثم قال : { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ … } . أي : إذا عاينوا ما يعدهم ربهم من العذاب { فَسَيَعْلَمُونَ } هنالك { مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } . - ثم قال : { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ … } . أي : قل للمشركين يا محمد - : ما أدري أقريب قيام الساعة التي وعدكم [ الله ] بالجزاء فيها على أعمالكم . { أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } . ( أي ) : أم هو غير قريب قد جعل له ربي وقتا وغاية تطول مدتها . - ثم قال : { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ … } . أي : ما غاب عن العيون والأسماع . { فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } . أي : يعلم غيب كل شيء ولا يعلم غيبه أحد . - { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ … } . أي : فإنه يطلعه من غيبه على ما شاء وقيل : الغيب الذي يطلع الرسل عليه كتبه التي أنزلها عليهم . وقال الضحاك : كان صلى الله عليه وسلم ، إذا بعث إليه الملك بُعِث ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه لئلا يشتبه عليه الشيطان في صورة الملك فهو معنى قوله : { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } ، وقاله النخعي . وقال ابن عباس : هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي من الشياطين حتى يتبين له الذي أرسل به إليه . - ثم قال { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ … } . أي : ليعلم أهل الشرك أن الرسل بلغوا إليهم رسالة ربهم . وقيل : المعنى : ليعلم [ الرسول ] وهو محمد أن الرسل قبله قد بلغوا رسالات ربهم لقومهم ولم يكن للشيطان إليهم سبيل ، وهو قول قتادة ، وقال مجاهد : ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغ الرسل رسالة ربهم . وقال : معمر : معناه : ليعلم محمد أن الرسل قد أبلغت عن الله وأن الله حَفِظها ودفع عنها . وهو مثل قول قتادة . وقال ابن جبير : معناه : ليعلم محمد أن الملائكة قد أبلغوا رسالات ربهم . قال : وما نزل جبريل بشيء من الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة . ودل على ذلك قوله قبل ذلك { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال ابن جبير : أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل عليه السلام . وقيل معنى الآية : ليعلم الله ذلك علماً مشاهداً تجب عليه المُجازاة فأما الغيب فقد علمه ، كقوله { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ آل عمران : 140 ] . - وقوله : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ … } . أي : وعلم كل ما عندهم يعني الرسل قبل محمد ، قال ابن جبير معناه ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط بهم فيبلغوا رسالات ربهم . - ثم قال : { وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً } . أي : وعلم عدد كل شيء ، [ و { عَدَداً } ] منصوب على التمييز .