Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-2)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

- قوله تعالى : { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } ، إلى قوله : { سَمِيعاً بَصِيراً } . " هل " [ في هذا ] الموضع خبر لا جحد . وفي الكلام معنى [ التقرير ] ، كأنه قال : قد أتى على الإنسان [ ز ] من طويل لم يكن شيئاً مذكوراً . وهذا كما تقول للرجل - [ تقرره - ] : هل أكرمتك ؟ وقد [ أكرمه ] ، هل أحسنت إليك ؟ وقد أحسن إليه . وتكون " هل " جحوداً في غير هذا الموضع ، نحو قول الرجل لآخر : هل يفعل هذا أحد ؟ ! بمعنى : لا يفعل هذا أحد ، وتكون استفهاماً ، وهو بابها . وقد أجاز ابن كيسان أن تكون " هل " في الآية استفهاما على بابها ، كما تقول : هل بقيت في أمرك ؟ . والإنسان في الآية : آدم عليه السلام ، قاله قتادة وغيره . قال قتادة : إنما [ خلق ] الإنسان حديثاً ، وما نعلم من خليقة الله عز وجل كانت بعد الإنسان ، يقول : خَلْقُ الإنسان آخر سائر ما خلق الله من الخلق . والحين ( هاهنا ) يراد به طول مكث آدم وهو طينة . وذلك أربعون سنة في ما روي . فكان في ذلك الوقت شيئاً غير مذكور . وقيل : الحين هنا غير معلوم ، [ الله يعلمه ] . وقيل : الإنسان هنا يراد به الجنس فأما الإنسان الثاني فهو للجنس [ بلا اختلاف ] ، وقال مالك : الحين هنا : ما مضى قبل ذلك من أمر الدهر كله ومن قبل أن يخلق آدم . - ثم قال تعالى : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ } . أي : إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة ، أي : من ماء الرجل وماء المرأة . والنطفة كل ماء قليل في وعاء . و ( أمشاج ) : أخلاط . يقال : مَشَجْتُ هذا بهذا ، أي : خلطته . وواحد الأمشاج : مشيج ، مثل شريف وأشراف . وقيل : مَشْجٌ مثل عدل وأعدال . وقال ابن عباس : المشجان : ماء الرجل وماء المرأة . وهو معنى قول مجاهد والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين . وعن ابن عباس أيضاً أن معنى ( أمشاج ) هو انتقاله من تراب ثم من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى غير ذلك . وقاله أيضاً عكرمة وقتادة . وقيل : ( أمشاج ) هي العروق التي تكون في النطفة . روي ذلك عن ابن مسعود . وقاله أسامة بن زيد عن أبيه . وقيل : الأمشاج هي ألوان النطفة ، ( نطفة الرجل تكون بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة تكون خضراء وحمراء ) / ، [ روي ذلك عن ] مجاهد وقاله ابن أبي نُجَيْح . فمن قال : إن الأمشاج انتقال النطفة إلى علقة ، ثم مضغة ، ثم غير ذلك ، فتقديره : من نطفة ذات أمشاج . ومعنى { نَّبْتَلِيهِ } نختبره . { فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } . أي : ذا سمع وذا بصر لِتَقُوم عليه الحجة . وقال الفراء : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير عنده : إنا خلقنا الإنسان سميعاً بصيراً من نطفة أمشاج لنختبره . وقد رُدَّ [ عليه ] هذا التقدير ، لأن الفاء لا يقع معها التقديم والتأخير . ولأن الكلام تام بغير تقديم وتأخير ، فلا يخرج عن ظاهره لغير علة .