Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 1-34)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

- قوله تعالى : { وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } ، إلى قوله : { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وأبو صالح وقتادة : { ( وَ ) ٱلْمُرْسَلاَتِ } : الرياح ، { عُرْفاً } : يتبع بعضها بعضاً . وقال مسروق : { وَٱلْمُرْسَلاَتِ } : " الملائكة " { عُرْفاً } أي : ترسل بالعرف . عن أبي صالح أيضاً أنها " الرسل ، ترسل بالمعروف " . وقيل : { عُرْفاً } أي : متتابعة كتتابع عرف الفرس . والتقدير على قول مسروق : ورب الملائكة التي أرسلت إلى الأنبياء بأمر الله ونهيه ( وذلك هو المعروف . وعلى قول أبي صالح : ورب الرسل التي أرسلت إلى الناس بأمر الله ونهيه ) . ومن قال { عُرْفاً } متتابعة ( فتقديره : ورب الملائكة التي أرسلت إلى الأنبياء متتابعة ) ورب الرسل الذين أرسلوا إلى الخلق متتابعين . وكذلك التقدير على قول ابن عباس ومن تبعه : هي الرياح . ويدل ( على أنها ليست ) الرياح أن يسعدها ذكر الرياح [ بلا اختلاف ] في قوله : { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } . - ( ثم قال تعالى : { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } ) . أي : ( ورب الرياح العاصفات ) أي : الشديدات الهبوب السريعات المر . وهذا قول علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس ، وغيرهم . - ثم قال تعالى : { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } . قال ابن مسعود ومجاهد [ وقتادة ] : هي الرياح لأنها تنشر السحاب . وقال أبو صالح : هي " المطر " ، لأنه ينشر الأرض ، أي : [ يحييها ] . وروى ( السدي ) عن أبي صالح أنها الملائكة ، ( قال ) : [ تنشر ] [ الكتب ] . - ثم قال تعالى : { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } . قال ابن عباس وأبو صالح وسفيان : هي الملائكة ، تفرق بالوحي بين الحق والباطل . وقال قتادة : هو القرآن ، فرق الله به بين الحق والباطل ، كأنه قال : والآيات الفارقات فرقاً . - ثم قال تعالى : { فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً * عُذْراً } . كلهم قال : هي الملائكة التي تلقي وحي الله إلى رسله ، والذكر : القرآن . ثم قال تعالى : { عُذْراً أَوْ نُذْراً } . أي : تلقي الوحي إلى الرسل إعذاراً من الله لخلقه [ وإنذاراً ] منه لهم . قاله قتادة وغيره . - ثم قال تعالى : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } . يعني أن البعث والجزاء وجميع ما أخبر الله ، كائن واقع [ وحادث ] لا محالة . و { إِنَّمَا } هو جواب القسم المتقدم . - ثم قال تعالى : { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } . أي : ذهب ضوءها فلم يكن لها نور . { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } . أي : شققت وصدعت . { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } . أي : نسفت من أصلها . { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } [ الواقعة : 6 ] . أي : غباراً متفرقاً . { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } . أي : أجلت الاجتماع لوقتها يوم القيامة . قال ابن عباس : { أُقِّتَتْ } " جمعت " . وقال مجاهد { أُقِّتَتْ } " أجلت " . وهو من الوقت ، فمعناه : [ حان ] وقتها الذي وعدته به ، وذلك يوم القيامة . وقرأ عيسى بن [ عمر ] " أُقِتَتْ " بالتخفيف والهمز ، وقرأ الحسن . " وُقِتَتْ " بالواو والتخفيف . وكله من الوقت ، والواو هي الأصل ، والهمزة بدل منها . والتخفيف والتشديد لغتان ، إلا أن في التشديد معنى التكرير والمبالغة . - ثم قال تعالى : { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } . أي : ما أعظمه وأكثر هوله . ففي الكلام معنى التعظيم لليوم والتعجب منه . ومعنى التعجب في هذا أنه تعالى ذكره يعجب العباد من هوله [ وفظاعته ] ، ثم بينه فقال : - { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } . أي : أجلت الرسل ليوم يفصل الله ( فيه ) بين خلقه ، فيأخذ للمظلوم من الظالم ويجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساته . - ثم قال : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } . أي : وأي شيء أدراك يا محمد ما يوم الفصل ؟ ! فمعناه التعظيم لذلك اليوم لشدته وهوله . - ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . أي : [ الوادي ] الذي [ يسيل ] في جهنم من صديد أهلها للمكذبين / بذلك اليوم . وقيل : معناه قبوح لهم ذلك اليوم . فقوله : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ } هو جواب ( إذا ) في ما تقدم من الكلام . - قوله تعالى : { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } . يعني قوم نوح وعاد وثمود وشبههم . - { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } . يعني : قوم إبراهيم وأصحاب مدين وقوم فرعون ، فيكون { نُتْبِعُهُمُ } على هذا مجزوماً . والتقدير : " وَأَلَمْ نُتْبِعْهُمُ الآخِرِينَ " . وبه قرأ الأعرج . - وقوله : { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } . يعني كفار قريش ومن سلك طريقهم من العرب وغيرها . ورد الجزم أبو حاتم لأنه تأول أن { نُتْبِعُهُمُ } يراد به قريش ومن سلك في التكذيب طريقهم . فلا سبيل إلى الجزم على هذا المعنى لأنه منتظر في المعنى . ولم لا تدخل على فعل معناه الاستقبال ، بل ترده إلى الماضي أبداً . ( وقيل ) : إن { نُتْبِعُهُمُ } عطف على المعنى ، لأن معنى { أَلَمْ نُهْلِكِ } : قد أهلكنا . ثم قال تعالى : { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } . أي : كذلك نهلك من أجرم فاكتسب مخالفة الله ورسوله . [ ثم قال : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . وقد تقدم ذكره ، وكذلك معنى كل ما في السورة وغيرها منه ] . - ثم قال : { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ [ مَّهِينٍ ] } . أي : من نطفة ضعيفة . قال ابن عباس : " المهين : الضعيف " . - ثم قال : { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } . أي : في رحم استقر فيه فتمكن . { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } . أي : إلى وقت خروجه من الرحم . - ثم قال تعالى : { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } . قال الضحاك : معناه " فملكنا فنعم المالكون " . وهذا التقدير على قراءة من خفف . وعلة من شدد أنه أراد به التكرير ، لأنه تعالى قدر الإنسان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ، [ ثم ] … ، [ فدل ] التشديد على تكرير [ الأحوال ] . ومن خفف أجراه على لفظ " القادرين " إذ فعله : " قدر مخففاً ، فالتخفيف بمعنى الملك والقدرة على ذلك . والتشديد بمعنى التقدير . فمن شدد { فَقَدَرْنَا } جمع بين معنيين : التقدير [ بقدرنا ] ، والملك " بالقادرين " . ومن خفف جعله كله بمعنى الملك والقدرة . وقد يستعمل التشديد ، وهو بمعنى القدرة أيضاً يقال : قَدَرَ الله كذا وقدَّره ، لغتان . فيكون من شدد { فَقَدَرْنَا } جمع بين اللغتين ، بقوله : { ٱلْقَادِرُونَ } ، كما قال : { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [ الطارق : 17 ] ، وقد قال تعالى : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } [ الواقعة : 60 ] مشدداً . - ثم قال تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً * ( أَحْيَآءً ) … } . أي : ألم نجعل أيها الناس الأرض لكم وعاءً ، أنتم على ظهرها في مساكنكم مجتمعون أحياءً وفي بطنها أمواتاً ؟ ! [ يذكرهم ] ( الله ) بنعمه عليهم . يقال : كَفَتُّ الشيء إذا جَمَعْتَهُ وأَحْرَزْتَهُ . روي عن ابن مسعود أنه " وجد قملة في ثوبه فدفنها في المسجد ، ثم قال : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } . وقال مجاهد - في الرجل يرى القملة في ثوبه وهو في المسجد - قال : " إن شئت فألقها ، وإن شئت [ فوارها ] . ثم قرأ : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً … } الآية . قال الشعبي : { كِفَاتاً } : " بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم " . وقال مجاهد : { كِفَاتاً } : تكفت أذاهم وما يخرج منهم أحياءً وأمواتاً ، أي : تضم ذلك . ونصب { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } " بكفات " ، أي : تضم أحياءً وأمواتاً . وقيل : التقدير : كفات أحياء وأموات ، أي : ضمهم ، [ فلما ] نون نصب ما بعده ، كما تقول : رأيت ضرب زيد . فإن نونت " ضرباً " ، نصبت " زيداً " أو رفعته . - ثم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ } . أي : جبالاً شاهقات ، أي " طوالاً مشرفات . - ثم قال تعالى : { وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } . أي : عذباً قال ابن عباس : وذلك من أربعة أنهار : سيحان وجيحان والنيل والفرات . فكل ما شربه ابن آدم ( فهو ) من هذه الأنهار ، وهي ( تخرج من ) تحت صخرة عند بيت المقدس . فأما سيحان فهو نهر بلخ ، وأما جيحان فهو دجلة بغداد ، وأما الفرات فبالكوفة ، وأما النيل ( فنهر مصر ) . - ثم قال تعالى : { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } . أي : يقال لهؤلاء المكذبين بآيات الله ونعمه : انطلقوا إلى ما كنتم تكذبون به في الدنيا من عقاب الله لأهل الكفر . - { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } . أي : إلى ظل دخان ذي ثلاث شعب . وذلك أنه يرفع وقودها الدخان ، فإذا تصعد تفرق على ثلاث شعب ، وهو " دخان جهنم " . [ وهو قوله : { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } [ الواقعة : 43 ] ، اليحموم : الدخان . وقد قيل في قوله " { ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } إنه [ ظل ] الصليب الذي يعبده النصارى . وهو قول شاذ يوجب أن يكون المأمور بهذا ، النصارى خاصة . وليست الآية إلا عامة في جميع الكفار ، وليس كلهم عبد الصليب ، فإنما أمروا إلى ظل دخان جهنم ، دخان قد أنفرق على ثلاث شعب ] . قال قتادة : هو كقوله : { نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [ الكهف : 29 ] . - ثم قال تعالى : { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } . هذا نعت للظل أي : إلى ظل غير ظليل وغير [ غانٍ ] من اللهب . أي : [ لا يظلهم / ولا يمنعهم ] من لهب جهنم ، فلا يمنع عنهم ذلك الظل حرها ولا لهبها . وهذا الوصف مطابق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أَنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو مِنْ رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ لِبَاسٌ وَلاَ لَهُمْ مَا يَسْتَتِرُونَ بِهِ مِنْهَا ، فَيُنْجِي اللهُ المُؤْمِنِينَ إلى ظِلٍّ مِنْ ظِلِّهِ ، وَيُقَالُ لِلْكُفَّارِ : انْطَلِقُوا إلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَعِقَابِهِ { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } فَيَنْطَلِقُونَ إلى دُخَانِ جَهَنَّمَ " أفهذا للكفار ، لأنه روي : " أَنَّ الخَلاَئِقَ إِذَا اشْتَدَّ عليهم حرُّ الشمس وَدَنَتْ مِنْ رُؤُوسِهِمْ وأَخَذَتْ بِأَنفاسهِم وأشتد ذلك عليهم وكَثُرَ العَرَقُ ، واشتد القَلَقُ ، نَجَّى اللهُ المؤمنين برحمته إلى ظل من ظله ، فهناك يقولون : { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } . ويقال للكفار المكذبين : انطلقوا إلى ما كنتم تُكَذِّبُونَ من عذاب الله وعقابه ، انطلقوا إلى ظِلٍّ من دخان جهنم قد سَطَعَ وافترق ثلاثَ فِرَقٍ ، فينطلقون ويكونون فيه ، وهو أشد من حر الشمس الذي كانوا قد قَلِقُوا فيه . فيُقِيمُون في ظل ذلك الدخان حتى يُفْرَغَ من الحساب ، كذلك أولياء الله في ظل عرش الرحمن ، وحيث شاء الله حتى يفرغ من الحساب ، ثم يؤمر بكل فريق إلى مُسْتَقَرِّهِ من الجنة أو من النار " . - ثم قال تعالى : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } . أي : [ إن ] : جهنم ترمي ذلك اليوم بشرر كالقصر [ المبني ] . وقال ابن عباس : " كالقصر العظيم " . قال الحسن : هو واحد القصور . وروى حجاج عن هارون { كَٱلْقَصْرِ } أي : كالخشب الجزل ، وهو جمع قَصْرَة ، كجَمْرة وجَمْر ، وثَمْرَة وثَمْر . وقرأ ابن عباس : " كَالْقَصَرِ " بفتح الصاد . وقرأ ابن جبير والحسن : " كَالْقِصَرِ " بكسر القاف وفتح الصاد . وعن ابن جبير : كقراءة ابن عباس ، القصرة : الخشبة تكون [ ثلاث ] أذرع أو أكثر ، فهو على قراءته جمع قصرة كخشبة وخشب . وقال مجاهد وقتادة : القَصَر - بالفتح - هو [ أصول ] النخل . ومن كسر القاف جعله جمع قِصَرَة وقصر ، وهي الخشبة أيضاً . وقال المبرد : قيل : القَصْرُ : الجزل من الحطب الغليظ ، واحدته قَصْرَةٌ ، كَجَمْرَة وجمر . والقَصْرُ في هذا الموضع إذا جعلته أحد القُصُورِ فهو واحد يدل [ على الجمع ] ، ولذلك جعل نعتاً لـِ " شَرَرٍ " وهي جماعة . فإن جعلته جمع قَصْرَةٍ جئت به في النعت بالجمع كالمنعوت ، وقد [ قال ] : { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [ القمر : 45 ] ، فَوَحَّدَ ( و ) لم يقل : " الأدبار " ؟ لأن الدبر بمعنى الجمع ، وفعل ذلك توفيقاً بين رؤوس [ الآي ] ومقاطع الكلام ، إذ كان ذلك شأن العرب ، والقرآنُ بلسانها نزل فَجَرَتْ [ ألفاظه ] على عادتها في لغتها وكلامها [ وسجعها ] ، وقد قال تعالى : { تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [ الأحزاب : 19 ] ، ولم يقل : " كعيون الذين " . وهو المعني لأن المراد في التشبيه الفعل لا العين . - ثم قال تعالى : { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } . أي : كأن ذلك الشرر الذي هو كالقصر : نُوقٌ سُودٌ . فالصفرة هنا بمعنى السواد ، وإنما وقعت الصفرة في موضع السواد لأن ألوان الإبل السود تضرب إلى الصفرة ، كما سميت [ الظباء ] " أُدْماً " لِمَا يَعْلُوهَا في بياضها من الظلمة . قال الحسن : { جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } [ أَيْنُقٌ ] سود ، وهو قول قتادة ومجاهد . وقال ابن عباس : عنى بذلك قلوس السفن ، يعني حبال السفن . شبهت الشرر بحبال السفينة . والقَلْسُ . الحبلُ . وعن ابن عباس أيضاً : { جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } : " قِطَعُ النّحَاسِ " وهو جمع جِمَالَةٍ [ وجِمَالَةٌ ] : جمع جمل . ( ومن قرأ ( جِمَالَةٌ ) جعله جمع جَمَل ) . وقد قرأ ( أبو ) أيوب : " جُمَالاَت " - بضم الجيم - كأنه جمع جَمَلاً ( على جُمَالٍ ) كما يجمع رَخِلٌ على رُخَالٍ . ثم جمع " جُمَالاً " على جُمَالاَت ، لأن باب " فَعَل " و " فُعَل " واحد . ويجوز ( أن ) يكون من الشيء المجمل . - ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . وقد تقدم ذكره .