Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 35-50)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله تعالى : { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } ، إلى آخر السورة . أي : هذا يوم لا ينطق فيه أهل التكذيب بثواب الله وعقابه ، وذلك في موطن دون موطن . ودليله : قوله - حكاية عنهم - { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا ( مِنْهَا ) } [ المؤمنون : 107 ] { رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ } [ غافر : 11 ] . وشبهه . - ثم قال تعالى : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } . أي : مما كسبوا في الدنيا من المعاصي . وقال ابن عباس : يوم القيامة أوقات ، فوقت لا ينطقون فيه ، وذلك عند ( أول ) نفخة ، يريد : كل هول . وقيل : المعنى لا ينطقون فيه بحجة لهم . تقول العرب لمن أحتج بما / لا حجة فيه : ما جئت بشيء ، ولا نطقت بشيء ، أي : هم بمنزلة من لا ينطق ، إذ لا ينتفعون بمنطقهم . ومثله في هذا المعنى قوله : { صُمٌّ بُكْمٌ ( عُمْيٌ ) } [ البقرة : 18 ] ، أي : هم بمنزلة من هو هكذا . وقد استدل بعض أهل النظر على أنه يراد به بعض أوقات اليوم دون بعض [ بإضافة ] اليوم إلى الفعل . قال : والعرب لا تضيف اليوم إلى " فعل " و " يفعل " ( إلا ) إذا [ أرادت ] الساعة من اليوم ، تقول : آتيك يوم يقدم فلان ، وأراك يوم يقدم . والمعنى : ساعة يقدم ، لأنه لا يتمكن أن يكون إتيانه اليوم كله . - ثم قال تعالى : { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } . أي : يقال [ لهؤلاء المكذبين بالله ورسله : هذا يوم يفصل الله فيه بين خلقه بالحق ، [ جعلناكم فيه ] لموعدكم الذي كنا نعدكموه في الدنيا ، وجمعنا الأولين معكم ممن كان قبلكم من الأمم الماضية والقرون العافية . - { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } . أي : فإن كان لكم كلكم اليوم حيلة تحتالون بها في التخلص من العقاب ، فاحتالوا بها ولن تجدوا إلى ذلك سبيلاً . - { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . أي : للمكذبين بهذا الخبر . - ثم قال : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ } . أي : إن الذين اتقوا الله بأداء فرائضه وطاعته في الدنيا { فِي ظِلاَلٍ } ، لا يصيبهم حر ولا قُرٌّ { وَعُيُونٍ } ، أي : وأنهار تجري في خلال أشجار جناتهم . - { وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } . أي : يأكلون منها متى اشتهوا لا يخافون ضرها ولا عاقبة مكروهها . - { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . أي : يقال لهم ذلك ، أي كلوا من الفواكه ، واشربوا [ من ] العيون هنيئاً [ بما كنتم تعملون ] . لا تكدير عليكم ، ولا تنغيص في ذلك جزاء لكم بأعمالكم الصالحات في الدنيا وطاعتكم . وقيل : معناه : هنيئاً لكم ، لا تموتون . - ثم قال تعالى : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } . أي : كما جزينا هؤلاء المتقين بما ذكرنا ، كذلك نجزي من أحسن إلى نفسه فأطاع الله واجتنب معاصيه [ وأدى ] فرائضه . - ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . أي : للمكذبين بما أخبر الله من جزائه المتقين في الآخرة . ثم قال تعالى : { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } . هذا وعيد وتهديد للمشركين المكذبين بما ذكره الله في هذه السورة وغيرها من مجازاته للمتقين وانتقامه من المكذبين ، أي : كلوا في بقية آجالكم أيها المكذبون ، وتمتعوا بقية أعماركم . { إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } أي : مكتسبون لما فيه عطبكم وهلاككم كما فعل من كان قبلكم من الأمم المكذبة . قال ابن زيد : عنى بذلك أهل الكفر . وقيل : إن { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ } [ يرجع ] إلى أول الكلام في قوله : { جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ * فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } { كُلُواْ } . - ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . ( أي للمكذبين ) [ بخبر ] الله عن البعث والجزاء . - ثم قال تعالى : { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } . قال ابن عباس : " هذا يوم القيامة ، يدعون إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا " . وقال قتادة : ذلك في الدنيا ، كانوا يمتنعون من السجود ( لله ) . ورأى ابن مسعود رجلاً يصلي ولا يركع ، وآخر يجر إزاره ، فضحك ، فقالوا : ما أضحكك ؟ ! قال : أضحكني رجلان ، أما أحدهما فلا تقبل له صلاة ، وأما الآخر فلا ينظر الله إليه . وقيل : عني بالركوع هنا الصلاة ، قاله مجاهد . - ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } . أي : الذين كذبوا رسل الله فردوا عليهم فيما بلغوهم عن الله . - ثم قال تعالى : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } . أي : بعد القرآن إذ كذبوا به ، فبأي شيء يؤمنون بعده إيماناً ينتفعون به ؟ !