Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 1-14)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله تعالى : { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } ، إلى قوله : { ( مَآءً ) ثَجَّاجاً } . أي : عن أي شيء يتساءل هؤلاء [ المشركون ] يا محمد ؟ ، عن أي شيء يختصمون ؟ فـ { عَمَّ } تحتاج إلى جواب ، وجوابه { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } ، وكان حقه أن يأتي الجواب من المسؤول ، ولكن دل عليه / { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } وقام مقامه ، وهو جواب لجوابهم ، كأنهم قالوا : عم نتساءل ؟ سألوا الجواب من السائل لهم ، فقيل لهم : { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } . ذكر أن قريشاً كانت تختصم فيما بينها [ وتتجادل ] في الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان بكتاب الله ، فنزل هذا في اختصامهم . ثم بين - جل ذكره - ما الذي هم فيه يختصمون ، فقال : { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } ( أي : يتساءلون عن النبأ ) ، ثم حذف لدلالة الأول [ عليه ] ، فتقف على هذا على { يَتَسَآءَلُونَ } . وقيل : [ إن " عن " ] متعلقة بهذا الفعل الظاهر . والمعنى : لأي شيء يتساءل هؤلاء عن النبأ العظيم . فلا تقف على هذا على { يَتَسَآءَلُونَ } . فأما النبأ ، فقال مجاهد : " هو القرآن " . وقال : قتادة : " هو البعث بعد الموت " . وقال ابن زيد : هو " يوم القيامة " . - ثم قال : { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } . أي : منهم مصدق و [ منهم ] مكذب ، إما بالقرآن وإما بالبعث . قال قتادة : [ صار ] الناس [ فرقتين ] في البعث بعد الموت ، ( فمنهم مكذب ) ، ومنهم مصدق . - ثم قال تعالى : { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } . أي : ما الأمر كما يزعم هؤلاء أنه لا بعث . ثم قال : { سَيَعْلَمُونَ } على الوعيد والتهدد ، أي : سيعلم ( هؤلاء ) المنكرون للبعث [ وعيد ] الله لهم أحق هو أم باطل . ثم أكد الوعيد فقال : { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } . أي : ثم ليس الأمر على ما [ قالوا ] إنه لا بعث ، سيعلمون وعيد الله لهم أحق هو أم باطل . ويجوز أن يكون " كلا " بمعنى " حَقّاً " في الموضعين ، وبمعنى " أَلاَ " . وهذا التفسير إنما هو على قول من قال : إن [ النبأ ] العظيم : البعث ويوم القيامة . فأما من قال هو القرآن فيكون معناه : كلا سيعلمون ( عاقبة تكذيبهم لهذا القرآن ثم كلا سيعملون ) ذلك على التأكيد والوعيد وتكون " كلا " بمعنى ( حقاً ) أو بمعنى " ألا " ، ويجوز أن تكون [ بمعنى " لا " ] ، أي : [ لا ، لا اختلاف ] ( في ) القرآن ، وهو قول نصير ولم يجزه أبو حاتم . وقال الضحاك تقديره : كلا سيعلم الكافرون ثم كلا سيعلم المؤمنون . فالوقف [ على { سَيَعْلَمُونَ } ] الأول وعلى { سَيَعْلَمُونَ } الثاني . والوقف عند أكثرهم على سيعلمون الثاني . - ثم قال تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً * وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } . أي : ألم أنعم عليكم أيها الخلق فجعلت لكم الأرض فراشاً تفترشونها ، وجعلت الجبال أوتاداً للأرض أن تميد بكم ؟ ! - { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } . - ( أي ) ذكراناً وإناثاً ، وطوالاً وقصاراً ؟ ! - { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } . أي : راحة ( لكم ودعة تسكنون كأنكم أموات لا تشعرون ؟ ! والسبات السكون ) ، وبذلك سمي السبت سبتاً لأنه يوم راحة ودعة . - ثم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } . أي : غشاء لكم يتغشاكم سواده وتغطيكم ظلمته كما يغطي الثوب لابسه . قال قتادة " : { ٱلَّيلَ لِبَاساً } أي : " سكناً " . - ثم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } . ( سمي النهار معاشاً لما كان يطلب المعاش فيه . وتقديره : وجعلنا النهار ذا معاش . قال مجاهد : { مَعَاشاً } أي : " تبتغون فيه من فضل الله " . - ثم قال تعالى : { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } . يعني السبع سماوات . وسمي بناء على عادة العرب ، لأنهم يقولون لسقف البيت سماء ، ويقولون له بناء . ومعنى " شداد " أي : وثاقاً محكمة الخلق ، لا صدوع فيهن ولا فطور ، ولا يبليهن [ مر ] الليالي والأيام عليهن . - ثم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } . ( أي ) : شمساً وقادة مضيئة منيرة . - قال تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } . أي : من السحائب ماء منصباً يتبع بعضه بعضاً كثج [ دماء ] . البدن كذا قال ابن عباس ومجاهد والربيع : الثجاج المنصب . وقال ابن زيد : الثجاج : الكثير . وأكثرهم على أنه المُنْصَبُّ . وهو اختيار الطبري . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ والْثَّجُّ " . [ فالعج ] رفع الصوت بالتلبية ، والثَّجُّ [ صَبُّ ] دماء الهدايا والبدنِ ، قال ابن عباس : المعصرات " السحاب " . وهو قول سفيان والربيع . وقال الحسن وسعيد / بن جبير وقتادة : المعصرات : السماء . وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة : المعصرات : الرياح ، لأنها تعصر في هبوبها . و ( هو ) قول ابن زيد . ويلزم قائل هذا أن تكون القراءة : " وأَنْزَلْنَا بِالمُعْصِرَاتِ " ، وبذلك قرأه عكرمة . والمُعْصِرُ : المرأة التي قد دنا [ حيضها ] وإن لم تحض ، فشبهت السحاب بها [ للمطر ] الذي فيها .