Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 43-44)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً } ، إلى قوله : { تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } . والمعنى : إنّ الله عز وجل ، يا محمد ، { لَسَمِيعٌ } لما يقول أصحابك { عَلِيمٌ } بما يضمرون ، إذ يريك عدوك وعدوهم { فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً } ، فتخبر أصحابك بذلك ، فتقوى نفوسهم ، ويجترئون على حرب عدوهم ، ولو أراك ربك عدوك وعدوهم كثيراً ، لفشل أصحابك فجبنوا على قتالهم ، وتنازعوا في ذلك ، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } ، من ذلك بما أراك في منامك من قلتهم { إِنَّهُ عَلِيمٌ } ، بما تُجِنُّه الصدور . قال مجاهد : أراهم الله عز جل ، نبيّه عليه السلام ، في منامه قليلاً ، فأخبر أصحابه ، فكان تثبيتاً لهم . وقال الحسن : كان ذلك رؤية حق غير منام . والمعنى : { إِذْ يُرِيكَهُمُ [ ٱللَّهُ ] } بعينك التي تنام بها { قَلِيلاً } ، فالمعنى على هذا : في موضع منامك . وهو عند جميع أهل التفسير رؤيا في النوم كانت ، إلا الحسن . فأمّا قوله : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ } ، فهي رؤية حق لا منام ، وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه . ومعنى : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } . أي : سلم للمؤمنين أمرهم حتى أظفرهم . وقيل المعنى : سلم أمره فيهم . وقيل : سلم القوم من الفشل بما أرى نبيهم صلى الله عليه وسلم . من قلتهم . قاله ابن عباس . يقال : فَشِل الرجل ، أي : جَبُن . ثم قال : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً } . أي : أراكم ، أيها المؤمنون ، عدوكم ، قليلاً ، وهم كثير ليهون عليكم أمرهم ، فلا تجزعوا ولا تجبنوا ، ويقلل المؤمنين في أعينهم ، ليتركوا الاستعداد لهم ، فتهون على المؤمنين شوكتهم . قال عبد الله بن مسعود : قُلِّلوا في أعيننا يوم بدر ، حتى قلت لرجل إلى جانبي : أراهم سبعين ؟ قال : أراه مائة ، قال : فأسرنا رجلاً منهم / فقلنا : كم كنتم ؟ قال : ألفاً . وكان من قول أبي جهل لأصحابه لما قلّل الله عز وجل ، المسلمين في عَيْنَيْه : يا قوم ، لا تقتلوهم بالسلاح ، ولكن خُذُوهم أَخْذاً ، فاربطوهم بالحبال . ثم قال : { لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } . أي : فعل ذلك ، فيظفركم بعدوكم ، وتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى . { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } . أي : تصير في الآخرة إليه ، فيجازي كل نفس بما كسبت .