Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-72)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ } ، إلى قوله : { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . من فتح " الواو " في : " الوَلاية " جعله مصدر " وَليَ " يقال : هو ولي بَيِّنُ الوَلاَيَةِ . ومن كسر فهو مصدر " والي " ، يقال : هو والٍ بيّن الوِلاَيةِ . ومعنى الآية : إن الذين صدقوا بمحمد عليه السلام ، وما جاء به ، وهجروا قومهم وعشيرتهم وأرضهم إلى أرض الإسلام ، والهجرة هجرتان : هجرة كانت إلى أرض الحبشة ، وهجرة إلى المدينة ، وهذا إنما كان في أول الإسلام ، ثم انقطع ذلك الآن : لأن الدار كلها دار الإسلام ، { وَجَاهَدُواْ } ، أي : أتعبوا أنفسهم في حرب أعداء الله ، { وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } ، أي : آووا رسول [ الله ] صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه ونصروهم ، وهم الأنصار ، { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } ، أي : المهاجرون أولياء الأنصار وإخوانهم . و " الوليُّ " في اللغة : النصير . فاختيار الطبري أن يكون : { أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } بمعنى أنصار بعض . قال ابن عباس : كانت هذه الولاية في الميراث ، فكان المهاجرون والأنصار يرث بعضهم بعضاً بالهجرة دون القرابة ، ألا ترى إلى قوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } ، فكانوا يتوارثون على ذلك حتى نزلت بعده : { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] ، فنسخت مواريث المهاجرين والأنصار بعضهم من بعض . وكذلك قال مجاهد . قال قتادة : لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة ، وليس يرث المؤمن الذي لم يهاجر من المؤمن المهاجر شيئاً ، وإن كان ذا رحم ، ولا الأعرابي من المهاجر شيئاً ، فنسخ ذلك قوله : { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ / مَّعْرُوفاً } [ الأحزاب : 6 ] ، يعني : من أهل الشرك ، يوصون لهم إن أرادوا ، ولا يتوارث أهل مِلَّتَيْن . وقال عكرمة والحسن : نسخها آخر السورة : { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] . وقوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ } . أي : الذين آمنوا بمكة ، ولم يفارقوا دار الكفر ، { مَا لَكُمْ } . أيها المهاجرون ، { مِّن وَلاَيَتِهِم } ، أي : نصرهم وميراثهم ، { مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ } ، هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا ، { فِي ٱلدِّينِ } ، أي : على أهل الكفر ، { فَعَلَيْكُمُ } نصرهم { إِلاَّ } أن يستنصروكم { عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } ، أي عهد وذمة ، فلا تنصروهم عليهم ، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ، أي : [ بصير ] فيما أمركم به من ولاية بعضكم بعضاً . وقال ابن عباس : { وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ } ، يعني : الأعراب المسلمين ، فعليكم أن تنصروهم ، { إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } ، فلا تنصروهم عليهم .