Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 103-104)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } ، إلى قوله : { ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } . قوله : { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ، هو خطاب للنبي عليه السلام . أي : فإنك تطهرهم بها وتزكيهم ، وهذا قول الزجاج . وقيل : هما للصدقة ، لا للمخاطبة ، وهما في موضع النعت للصدقة ، وهو قول الأخفش ، قال : ويكون { بِهَا } توكيداً . فـ : " التاء " على القول الأول للمخاطبة ، وفي { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ضمير النبي صلى الله عليه وسلم . وهي على القول الثاني : الثانية للصدقة لا للمخاطبة ، وفي { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ضمير الصدقة . وقيل : هما للنبي عليه السلام ، وهما في موضع الحال منه . وقيل : { تُطَهِّرُهُمْ } للصدقة ، صفة [ لها ] ، { وَتُزَكِّيهِمْ } للنبي عليه السلام ، حال منه . وأجاز بعض النحويين ، في { تُطَهِّرُهُمْ } الجزم ؛ لأنه جواب الأمر . وحجة من قرأ : { صَلَٰوتَك } بالجمع هنا ، وفي " هود " ، وفي " المؤمنين " إجماعهم على الجمع في : { وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } [ التوبة : 99 ] ولا فرق بينها والتي في سورة المؤمنين ، يراد بها الصلوات الخمس ، فالجمع أولى به ؛ ولأنها مكتوبة في المصحف بالواو ، فدل ذلك على الجمع ، وعلى أن الألف التي بعد الواو اختصرت / من الكتاب . وقد كتبوا ما عدا هذه الثلاثة بالألف ، فدلت الواو في هذه الثلاثة على أنه جمع ، وحذفت الألف بعد الواو كما حذفت من درجات وبينات . ومن قرأ بالتوحيد ، احتج بالإجماع في : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي } [ الأنعام : 162 ] ، بالتوحيد ، وإجماعهم على التوحيد في " الأنعام " ، و { سَأَلَ سَآئِلٌ } [ المعارج : 1 ] . وأيضاً فإن قوله : إنَّ صَلاَتَكَ أعم من : إن صلواتك ؛ لأن الجمع إنما هو لما دون العشرة ، فكأنه : " إنّ دعواتك " ، والتوحيد بمعنى : " إنَّ دعاءك " ، والدعاء أعم من " الدعوات " وأكثر ؛ لأن المصدر أعم من الجمع الذي لما دون العشرة . ومعنى الآية : خذ يا محمد من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم [ { صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } من دنس ذنوبهم ، { وَتُزَكِّيهِمْ } ، أي : تنميهم ] ، وترفعهم بها ، { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } ، أي : ادع لها بالمغفرة ، { إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ } ، أي : إن دعاءك طمأنينة لهم ، بأن الله قد عفا عنهم ، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } ، أي : سميع لدعائك إذا دعوت ، ولغير ذلك . قال ابن عباس : أتى أبو لُبابة وأصحابه حين أطلقوا ، وتيب عليهم ، بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا ، واستغفر لنا ، فقال : ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً ، فأنزل الله ، عز وجل : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } ، الآية . وقد قيل : { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } : منسوخٌ بقوله : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } [ التوبة : 84 ] . وقيل : إنَّها محكمة . والمعنى : وادع لهم إذا جاءوك بالصدقات ، وعلى هذا أكثر العلماء . وقال قتادة : { سَكَنٌ لَّهُمْ } ، وقَارٌ لهم . وقال زيد بن أسلم : قالوا : يا رسول الله ، خذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها ، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يأخذ . فأنزل الله عز وجل : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } ، الآية . قال سعيد بن جبير : كان الثلاثة إذا ( اشتكى أحدهم ) . اشتكى الآخران مثله ، وكان قد عَمِيَ ، فلم يزل الآخر يدعو حتى عَمِيَ . وقال ابن عباس : { سَكَنٌ لَّهُمْ } : رحمه لهم . وقيل : إنَّ هذا إنَّما هو في الزكاة ، أمر أن يأخذ زكاة أموالهم التي عليهم . ثم قال تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } . أخبر الله عز وجل ، في هذه الآية بقَبول توبة من تاب من المناقين وغيرهم ، وأخذ الصدقات من أموالهم . فالمعنى : ألم يعلم هؤلاء الذين تخلفوا عن الجهاد ، ثم ندموا وربطوا أنفسهم بالسواري وقالوا : لا نطلق أنفسنا حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم ، هو الذي يطلقنا ، أن ذلك ( ليس ) إلى النبي صلى الله عليه [ وسلم ] ، ولا إلى غيره ، وإنما هو إلى الله سبحانه ، هو يقبل توبتهم ، وتوبة غيرهم ، ويأخذ صدقة من تصدق ، بصدقةٍ ، ويعلموا أن الله هو التواب الرحيم . قال ابن زيد : قال المنافقون لما تاب الله على هؤلاء : كانوا بالأمس ، لا يُكلَّمون ولا يُجَالَسُون ، فما لهم اليوم يُكلَّمون ويُجالَسُون ؟ فأنزل الله عز وجل ، ألم يعلم هؤلاء الذين لم يتوبوا وتكلموا في هؤلاء الذين تُبت عليهم { أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ } ، الآية . قال ابن عباس : { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } ، يعني إن استقاموا على / التوبة . روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إن الله يقْبلُ ، الصدقة ويأخذها بيمينه ، فيرُبِّيها لأحدكم كما يُربِّى أحدكم مهرة ، حتى إنَّ اللقمة لَتَصير مثل أحد . وتصديق ذلك في كتاب الله : { هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } و { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ } " . وقال ابن مسعود : ما تصدق رجل بصدقة إلاّ وقعت في يد الله قبل أن تقع بيد السائل وهو يضعها في يد السائل ، ثم تلا : { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ } .