Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 34-35)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ } ، إلى [ قوله ] : { مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } . قوله : { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ } . { وَٱلَّذِينَ } : في موضع رفع عطف على الضمير في : " يأكلون " ، فيكون التقدير : { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } ، ويأكلها معهم الذين يكنزون الذهب . وقيل : { ٱلَّذِينَ } : في موضع رفع بالابتداء . ومعنى الآية : يا أيها الذين صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به ، إن كثيراً من أحبار اليهود والنصارى ورهبانهم ، وهم : علماؤهم وعبادهم . وقيل { ٱلأَحْبَارِ } : القراء : { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } ، ويأكلها معهم { ٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ } ، وذلك الرُّشى في الحكم ، وفي تحريف كتاب الله عز وجل ، يكتبون بأيديهم كتباً ، ويقولون : هذا من عبد الله ، يأخذون بها ثمناً قليلاً ، { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، أي : يمنعون من أراد الدخول في الإسلام . و " الكَنْزُ " : كل مَالٍ وجبت فيه الزكاة ، فلم تُؤَدَّ زكاته . وقوله : { وَلاَ يُنفِقُونَهَا } . أي : لا يؤدون زكاتها . قال ابن عمر : كل ما مَالٍ أُدِّيتُ زكاته ليس بكنز ، وإن كان مدفوناً ، وكلُّ مالٍ لم تُؤدّ زكاته ، فهو كنز يكوى [ به ] صاحبه ، وإن لم يكن مدفوناً . ورُوي عن علي رضي الله عنه : أربعة آلاف درهم فما دونها " نفقة " / فإن زادت فهو " كنز " ، أدّيت زكاته أو لم تُؤد . قال ابن عباس : هي خاصة للمسلمين لمن لم يؤدِّ زكاته منهم ، وهي عامة في أهل الكتاب ، من أدى الزكاة ومن لم يؤدِّ ؛ لأنهم لا تقبل منهم نفقاتهم وإن أنفقوا . وقال عمر بن عبد العزيز : أراها مَنْسوخَةً بقوله : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [ التوبة : 103 ] . و " الكنْزُ " في كلام العرب : كل شيء جُمع بعضُه إلى بَعْضٍ . قوله : { وَلاَ يُنفِقُونَهَا } . ولم يقل : " يُنفقونهما " ، إنما ذلك لأن الضمير رجع على الكنوز ، والكنوز تشتمل على الذهب والفضة . وقيل : إن الضمير يرجع على : " الأموال " التي تقدم ذكرها أنها تؤكل بالباطل . وقيل : الضمير يعود على : " الفضة " ، وحذف العائد على الذهب لدلالة الكلام عليه ، كأنه قال : { وَلاَ يُنفِقُونَهَا } و " يُنفقونه " ، ثم حذف كما قال : @ نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنتَ بِمَا عِنْدكَ رَاضٍ … @@ وقيل الضمير : " للذهب " ، وضمير " الفضة " محذوف ، تقديره : { وَلاَ يُنفِقُونَهَا } و " يُنفقونها " ، والعرب تقول : " هي الذهب [ الحمراء ] " ، فتؤنث . وقال معاوية : هذه الآية في أهل الكتاب خاصة . وقوله : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } . أي : اجعل موضع البشارة لهم عذاباً أليماً ، أي : مؤلماً ، بمعنى مُوجع . وليس { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ، بتمام ؛ لأن { يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا } ، منصوب بـ : { أَلِيمٍ } . و ( الضمير في { عَلَيْهَا } ، فيه من الوجوه ، ما في : { يُنفِقُونَهَا } ، وكذلك الضمير في { بِهَا } . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا مِن عَبْدٍ لا يُؤدّي زَكَاةَ مَالِهِ إلا أُتِي بِهِ وبماله فأحمى عليه في نار جهنم ، فتكوى بها جنباه وجبهته وظهره ، حتى يحكم الله بين عباده " . وقال ابن عباس : { يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا } ، قال حَيَّة تنطوي على جنبيه وجبهته ، تقول : أنا مالك الذي بخلت به . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن ترك بعده كنزاً مَثَلَ له يوم القيامة شُجاعاً أَقْرَع له زَبِيبَتَانِ ، يتبعه فيقول : ويلك ما أنت ؟ فيقول : أنا كنزك الذي تركته بعدك ، فلم يزل يتبعه حتى يُلْقِمَه يده فيقضمها ، ثم يتبعه سائر جسده " .