Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 36-36)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً } ، الآية . قوله : { كَآفَّةً } . مصدر مثل : " عافاه الله عافيةً " ، ومثله : " عامَّةً " و " خاصَّةً " ، فـ : { كَآفَّةً } كـ : " العافية " و " العاقبة " ، ولا تدخل فيهما " الألف واللام " ، كما لم تدخلا في " معاً " و " جميعاً " . ومعنى الآية : إن الله قدر أنّ السنة اثنا عشر شهراً في كتابه الذي سبق فيه ما هو [ كائن ] إلى يوم القيامة ، منها أربعة حرم ، وهن : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة والمحرم ، وكان القتال فيها حراماً حتَّى نزل في " براءة " قتال المشركين . و { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } . أي : المستقيم ، إنها اثنا عشر شهراً . وقيل { ٱلدِّينُ } هنا : الحساب ، أي : الحسابُ المستقيم . وقال ابن عباس معناه : ذلك القضاء القيم . وقوله : { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } . أي : لا تستحلوا ما حرم الله عز وجل . قال ابن عباس : { فِيهِنَّ } يعني كلهن . قال ابن عباس : { فِيهِنَّ } ، يعني : كلهن . وهو قول مقاتل بن حيان ، والضحاك ، جعلاً الضمير يعود على : { ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً } . وليس قوله : { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } إذا جعلناه الأربعة الأشهر بمبيح لنا أن نظلم أنفسنا في غير الأربعة الأشهر ، ولو كان ذلك كذلك لكان قوله : { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } [ الإسراء : 31 ] دليلاً على إباحة قتلهم إذا لم يخشوا إملاقاً ، ولكان قوله : { وَٱلْفُلْكِ [ ٱلَّتِي ] تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ } [ البقرة : 164 ] دليلاً على أنها لا تجري بما يضر الناس ، وهي تجري بما ينفع وما يضر . وأصل هذا : أن كلَّ نهي إنما يوجب الامتناع عما نهى عنه دون غيره ، وكل أمر فهو نافٍ لأضداده فإذا قلت : " قُمْ " ، فقد أمرته بترك أضداد القيام من القعود والاضطجاع ، وإذا قلت : " لا تَقُمْ " ، فلم تنهه عن الاضطجاع ولا عن الاتكاء ولا عن شيء من أضداده ، فاعلمه . فالنهي عن الشيء لا يكون نهياً عن أضداد ذلك الشيء ، والأمر بالشيء أمر عن أضداد / ذلك الشيء على ما بينا ، فافهمه . وقال قتادة ، وغيره : { فِيهِنَّ } في الأربعة الحرم ، جعل الذنب فيهن أعظم منه في غيرهن . وأكثر ما تستعمل العرب " الهاء " و " النون " فيما دون العشرة ، و " الهاء " و " الألف " في ما جاوز العشرة . فالظلم في جميعها لا يجوز ، ولكن هو فيها أعظم وزراً لشرفها ، فلذلك خصها بالذكر ، تعالى ، وهذا كقوله : { وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } [ البقرة : 238 ] أفردها بعد أن ذكرها مجملة لشرفها ، وليس إفرادها بالمحافظة يدل على ترك المحافظة فيما سواها ، فكذا هذا . وقال ابن إسحاق المعنى : لا تجعلوا حرامها حلالاً ولا حلالها حراماً ، تعظيماً لها ، فإنما نهوا عن " النسئ " الذي المشركون يصنعونه . { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } . أي : جميعاً . ومعنى { كَآفَّةً } ، أي : يكف بعضهم بعضاً عن التخلف كما يفعلون . { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } . أي : مع من اتقى أمره ونهيه وأطاعه . ومن جعل { فِيهِنَّ } يعود على : " الاثنا عشر شهراً " وقف على : { ٱلْقَيِّمُ } ، ومن جعله يعود على : " الأربعة الحرم " وقف على : { أَنْفُسَكُمْ } ، وهو قول نافع والأخفش . والأول قول أبي حاتم ويعقوب .