Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 56-59)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ } ، إلى قوله : { إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } . والمعنى ، / أن هؤلاء المنافقين يحلفون لكم ، أيها المؤمنون ، { إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } ، يعني في الدين والملة . قال الله عز وجل ، مكذباً لهم : { وَمَا هُم مِّنكُمْ } ، أي : ما هم من أهل ملتكم ودينكم ، { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } ، أي : يخافونكم ، فيقولون بألسنتهم ما لا يعتقدون خوفاً منكم ، لئلا تقتلوهم . ولو يجد هؤلاء المنافقون { مَلْجَئاً } ، أي : حصناً يتحصنون فيه منكم ، { أَوْ مَغَارَاتٍ } ، وهي : الغيران في الجبل ، { أَوْ مُدَّخَلاً } : أي : سرباً في الأرض يدخلون فيها . { لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ } ، أي لأدبروا ، هرباً منكم : { وَهُمْ يَجْمَحُونَ } ، أي : يُسرعون في مشيهم . و " الجَمْحُ " : مَشي بين مشيين يقال : فرس جَمُوحٌ ، إذا كان لا يرده في دفعه لجِامٌ ، ولكنهم لا يقدرون على ذلك ، لأن دورهم ودراريهم وعشيرتهم تمنعهم من ذلك ، فصانعوا بالنفاق ، ودافعوا به عن أنفسهم وأموالهم ، يَدَّعونَ الإيمان ويبطنون الكفر . قال ابن عباس : " المَلْجَأُ " الحِرْزُ في الجبل . وقال : { أَوْ مُدَّخَلاً } ذهاباً في الأرض ، وهو النفق في الأرض يعني السَّربُ . وواحد المغارات : " مغارة " ، من : غار الرجل في الشيء : إذا دخل فيه . وأجاز الأخفش : " مُغارات " ، من : " أَغَارَ يُغِيرُ " ، كما قال : @ الحَمْدُ للهِ مُمْسَانَا ومُصْبَحَنَا … @@ وواحدها " مغارة " وجمعها " مغاور " . وَقَرأ عيسى بن عمر ، والأعمش : " أوْ مُدَّخَّلاً " بتشديد " الدال " و " الخاء " ، والأصل فيه : مُتَدَخَّل على وزن : مُتَفَعَّل ، ومعناه : دخول بعد دخول . وَقَرأَ الحسن ، وابن أبي إسحاق ، وابن محيصن : { مُدَّخَلاً } من دخل . وحكى أبو إسحاق : { مُدَّخَلاً } بالضم ، من " أدخل . وفي حرف أُبيّ : " مُدَخَّلاً " بتخفيف " الدال " وتشديد " الخاء " . ثم أخبر نبيه عليه السلام ، أن من المنافقين من يلمزه في الصدقات ، أي : يعيبه بها ، ويطعن عليه فيها . يقال : " لَمَزه يَلْمِزُهُ ، ويَلْمُزُهُ " ، لغتان . والضَّمُّ : قراءة الأعرج ، وقد رواها شبل عن ابن كثير . و " الهُمَزَة اللُّمَزَة " : العياب للناس . وقيل : " الهُمَزَةُ " : الذي يشير بعينه ، و " اللُّمَزَة " : الذي يعيب في السر . وقوله : { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ } . أي : إن أعطيتهم من الصدقات رضوا عنك ، فإن لم تعطهم منها سخطوا ، [ فليس ] عيبهم لك إلا من أجل أنك منعتهم منها . قال مجاهد : { يَلْمِزُكَ } : يروزك ، يسألك فيها . وقال قتادة : { يَلْمِزُكَ } ، يطعن عليك . قال ابن زيد : قال المنافقون : والله ما يعطيها محمد إلا من أحبَّ ، ولا يؤثر بها إلا هواه ، فنزلت الآية . ثم قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } . أي : ولو أن هؤلاء المنافقين ، الذين يلمزونك في الصدقات ، رضوا ما أعطاهم الله ورسوله ، { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ } ، أي : كافينا الله ، { سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ } ، أي : سيعطينا الله من فضل خزائنه ، ورسوله من الصدقات وغيرها ، { إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } ، في أن يوسع علينا من فضله ، فيغنينا عن الصدقات .