Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 46-49)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } : " إما " حرف شك ، وكذلك حرف أو ، لكن يكون تأويله - والله أعلم - على حذف إما وإضمار حرف " إن " كأنه يقول : إن أريناك إنما نرينك بعض ما نعدهم لا كل ما نعدهم ، أو نتوفينك ولا نرينك شيئاً . أو أن يكون قوله : إن نرينك بعض ما نعدهم أي : لقد نريك بعض ما نعدهم ؛ وهو كقوله : { إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } [ الإسراء : 108 ] ، فعلى هذا التأويل يريه بعض ما يعدهم ، ولا يريه كل ما وعدهم . وعلى التأويل الأول إن أراه إنما يريه بعض ذلك ولا يريه شيئاً . فإن قيل : حرف " إما " حرف شك وكذلك حرف أو كيف يستقيم إضافته إلى الله ، وهو عالم بما كان ويكون وإنما يستقيم إضافته إلى من يجهل العواقب ؟ ! قيل : جميع حروف الشك الذي أضيف إلى الله هو على اليقين والوجوب نحو حرف " عسى " و " لعل " ونحو ذلك ، فعلى ذلك حرف " إما " [ و ] ، " أو " فهو لم يزل عالما بما كان ويكون في أوقاته . وأما حرف الاستفهام والشك يخرج على مخرج الإيجاب والإلزام على ما ذكرنا في حرف التشبيه ، أو أن يكون رسول الله وعد لهم أن يريهم شيئاً ، فقال عند ذلك : { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } [ غافر : 77 ] لا نرينك شيئاً يقول : ليس إليك ما وعدتهم ، إنما ذلك إلينا ؛ كقوله : { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [ آل عمران : 128 ] . وقوله - عز وجل - : { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ } : هذا يحتمل ثم الله شهيد لك يوم القيامة على ما فعلوا من التكذيب بالآيات وردها ؛ وهو كقوله : { قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ … } الآية [ الأنعام : 19 ] . ويحتمل أنه عالم بما يفعلون لا يغيب عنه شيء وهو وعيد ؛ كقوله تعالى : { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ البقرة : 96 ] { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ البقرة : 29 ] ونحوه ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ } أي : لكل أمة فيما خلا رسول الله بعث إليهم لست أنا أول رسول بعثت إليكم ؛ كقوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } [ الأحقاف : 9 ] . { فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } يحتمل هذا وجهين : يحتمل فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط ؛ أي : يقضي بين الرسل وبين الأمم بالعدل بما كان من الرسل من تبليغ الرسالة إليهم والدعاء إلى دين الله ، ومن الأمم من التكذيب للرسل والرد للآيات ، قضي بينهم بالعدل وهم لا يظلمون لا يزاد على ما كان ولا ينقص . ويحتمل قوله : { قُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : يهلك المكذبون منهم وينجي الرسل ومن صدقهم ، كقوله تعالى : { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } الآية [ يونس : 103 ] ويجوز أن يقضي بين المعرضين وبين المجيبين والمطيعين يوم القيامة . وقوله - عز وجل - : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : وذلك أنه لما أوعدهم العذاب حين قال : { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قالوا : متى هذا العذاب الذي توعدنا هذا يا محمد إن كنت صادقاً بأن العذاب نازل بنا في الدنيا ، وهو على التأويل الثاني الذي ذكرنا لقد نرينك بعض ما وعدناهم . فقال : { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } ولا أملك أيضاً جرّ منفعة إليها يقول : لا أقدر على أن أدفع عن نفسي سوءا حين ينزل بي ، ولا أملك على أن أسوق إليها خيراً ألبتة ، فإذا لم أملك هذا كيف أملك إنزال العذاب عليكم إنما ذلك إلى الله هو المالك عليه والقادر على ذلك ، لا يملك أحد ذلك سواه ؛ وذلك كقوله : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } [ الكهف : 110 ] . وقوله - عز وجل - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ الأعراف : 34 ] أي : إذا جاء أجلهم لا يقدرون على تأخيره ولا يستقدمون ، أي : لا يقدرون على تقديمه ، ليس على أنهم لا يطلبون تأخيره ولا تقديمه فيسألون ذلك ، ولكن لا يؤخر إذا جاء ولا يقدم قبل أجله . وفيه دلالة ألا يهلك أحد قبل انقضاء أجله ، فهو رد على المعتزلة حيث قالوا : من قتل آخر فإنما قتله قبل أجله ، والله يقول : { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ الأعراف : 34 ] ، وهم يقولون : يستقدمون ، والله الموفق .