Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 19-20)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } . { أَلَمْ تَرَ } حرف تنبيه عن عجيب بَلَغَه وعلم به غفل عنه ، أو نقول : حرف تنبيه عن عجيب لم يبلغه بعد ولم يعلم به . على هذين الوجهين يشبه أن يكون والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } . قال عامة أهل التأويل : بالحق أي : للحق ، وتأويل قولهم - والله أعلم - : للحق : أي : للكائن لا محالة ؛ وهي الآخرة ؛ لأنه خلق العالم الأول للعالم الثاني ؛ والمقصود في [ خلق ] هذا العالم هو العالم الثاني ؛ فكان خلقهما للثاني لا للأول [ لأنه لو كان للأول ] دون الثاني ؛ يحصل خلقهما للفناء ، وذلك خارج عن الحكمة ؛ وهو ما قال : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } [ المؤمنون : 115 ] . وقال قائلون : للحق الذي وجب له عليهم بالامتحان والابتلاء ، خلقهما للشهادة له على الممتحن . أو يقول : خلقهما بالحق : أي : بالحكمة . وقوله : { أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } . أن كان الخطاب [ به ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم - فيصير كأنه قال : قد رأيت وعلمت أن الله خالق السماوات والأرض بالحق . وإن كان الخطاب به لغيره من أولئك يقول : اعلموا أن الله خلق السماوات والأرض بالحق ؛ لم يخلقهما عبثاً باطلا . وقوله - عز وجل - : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } . قال بعض أهل التأويل : هذه المخاطبة يخاطب بها أهل مكة ؛ يذكر قدرته وسلطانه على بعثهم بعد الموت والهلاك ؛ يقدر على إذهابكم وإهلاككم ، ويقدر أيضاً أن يأتي بغيركم ، فعلى ذلك : يقدر على بعثكم بعد مماتكم . وقوله - عز وجل - : { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } . قال أهل التأويل : أي : عليه هين يسير ، ولكن عندنا - والله أعلم - : { وَمَا ذٰلِكَ } : أي : ذهابكم وفناؤكم عليه ليس بشديد عليه ولا شاقّ ؛ ليس كملوك الأرض إذا [ ذهب ] شيء من مملكتهم يشتد ذلك عليهم ؛ فأمّا الله سبحانه وتعالى لا يزيد الخلق في سلطانه ولا في ملكه ؛ ولا ينقص فناؤهم وذهابهم منه شيئاً ؛ كقوله : { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] أي : شديد عليهم وهو ما وصفهم - عز وجل - : { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] ذكر مكان العزة الشدة ، ومكان الذلة - هاهنا - الرحمة . أو أن يكون قوله : { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } أي : ما بعثكم وإحياؤكم بعد الممات على الله بشاقّ ولا شديد .